في البداية يجب الإشارة إلى أن استمرار احتفال الهلاليين ببطولة دوري جميل للمحترفين هو حق مشاع لهم لا يحق لأي أحد الاعتراض على صنيعهم ذلك لكن يجب على الهلاليين في ذات الوقت استشعار أهمية تحفيز الفريق لما تبقى من استحقاقات في هذا الموسم المتمثلة في نصف نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله ورعاه- والجولة الأخيرة من التصفيات التمهيدية لدوري أبطال آسيا ثم بعدها مباشرة الدور ثمن النهائي وعليه فإن موسم الهلال عملياً لم ينته بعد عسى أن تكلل جهود الزعيم الملكي بالتوفيق والسداد . عقب انتهاء مباراة الهلال والوحدة التي فاز بها الهلال بثلاثة أهداف مقابل هدف كنت أتساءل بكل صراحة: كيف لأسماء كمحمد الشلهوب وماجد النجراني أن تبقى أسيرة دكة البدلاء بينما تمنح الفرصة لمن هم أقل منهم فاعلية وتأثيراً داخل الملعب؟! حتى وصلت لقناعة بأن الشلهوب والنجراني لو مُنحا الفرصة في عدد أكبر من المباريات لأصبح موضوع حسم الدوري وبطاقة التأهل للأدوار الإقصائية في أبطال آسيا منتهياً منذ وقت مبكر لكن في نهاية المطاف يبقى موضوع إشراكهما لدى الأرجنتيني دياز واحترام رأيه الفني رغم الاختلاف معه.
عقب المباراة تحدث قائد الهلال الكابتن محمد الشلهوب للناقل الحصري لدوري جميل وكان حديثه واضحاً وصريحاً وعندما سأله المذيع بأنه لعب في مباراة اليوم طيلة مدة المباراة بخلاف ما كان يروّج له بأن لا يستطيع إكمالها فأجاب الشلهوب بأنه لاعب محترف يؤدي واجبه متى ما طُلب منه ذلك، مؤكداً أنه لو شعر في يوم من الأيام بعدم مقدرته على المشاركة في التسعين دقيقة سيتوقف ويقدم شكره لكل من دعمه ووقف معه. وحول مقدرته على العطاء من عدمها أجاب الشلهوب بأنه قادر على العطاء لكنه لا يعلم عن مستقبله خلال الأيام القادمة تاركاً ذلك لظروفها.
بعد حديث الشلهوب وجدتني أكتب هذه السطور مناشداً سمو رئيس الهلال الأمير نواف بن سعد بأن يصنع كما صنع رئيس جمهورية الكاميرون الأسبق باول بيّا مع نجم منتخب الكاميرون ألبرت روجيه ميلّا فماذا فعل رئيس الكاميرون مع ميلا؟! إليكم هذه القصة ؛ في عام 1987م قرّر ميلا اعتزال اللعب دولياً بعد بلوغه الخامسة والثلاثين مخلّفاً مسيرة كروية حافلة خصوصاً مع منتخب بلاده توّجها بأول هدف كاميروني في تاريخ مشاركات الكاميرون في كأس العالم عندما أحرز هدفاً في مرمى منتخب البيرو في مونديال إسبانيا 1982م لكن اعتزاله الدولي لم يدم طويلاً فقد اتصل به رئيس الجمهورية آنذاك باول بيا لكي يلحق بالمنتخب الوطني المتأهل لمونديال إيطاليا 1990م فما كان من ميلا سوى تلبية النداء رغم بلوغه 38 عاماً ومع أولى مبارياتهم انتصر أسود الكاميرون على المنتخب الأرجنتيني حامل اللقب بهدف دون مقابل وجرّعوا الأسطورة مارادونا ورفاقه مرارة الهزيمة المفاجئة، أما ميلا فقد سرت روح الشباب المتوقدة في جسده ونسي بأنه ابن الثامنة والثلاثين فسجل هدفين في مرمى رومانيا في دور المجموعات ومثلهما في مرمى كولومبيا في الدور ثمن النهائي قبل أن يخرجوا بشرف أمام المنتخب الإنجليزي العريق في الدور ربع النهائي، وعندما تأهل منتخب الكاميرون لمونديال أمريكا عام 1994م كان ميلا قد بلغ من العمر 42 عاماً لكنه كان حاضراً في موعد مع التاريخ عندما هزّ شباك المنتخب الروسي مسجلاً نفسه كأكبر لاعب يسجِّل هدفاً في تاريخ مباريات كأس العالم.
السؤال الذي يطرح نفسه: ماذا لو لم يتدخل الرئيس الكاميروني بيا لإعادة ميلا للمنتخب بعد اعتزاله هل كان بوسع ميلا تحقيق هذه المكاسب والأرقام القياسية والتي تسجل باسمه واسم وطنه أيضاً؟! بالطبع لا، لذلك أجدد ندائي لوجه السعد سمو الأمير نواف - وفقه الله - بأن يتدخل ولو على سبيل الاستثناء فوق أي رأي فني مهما كان صاحب هذا الرأي ويفرض بقاء قائد الفريق الكابتن محمد الشلهوب أطول فترة ممكنة في الملاعب وذلك لمصلحة الفريق أولاً ثم لأجل تحقيق اللاعب المزيد من الأرقام القياسية في عدد المباريات والأهداف والبطولات، وخصوصاً أن الشلهوب قد تجاوز رقم بيليه في عدد البطولات الشخصية ومرشح لتجاوز عدد من النجوم العالميين متى ما استمر في الملاعب وحقق المزيد من البطولات والشلهوب مؤهل لذلك لأنه من اللاعبين المعروفين بدماثة الخُلُق والانضباط السلوكي بكل معاني الكلمة، فليس من هواة السهر وخلافه كما أنه يستطيع مواصلة الجري في المستطيل الأخضر طيلة فترة المباراة تشهد بذلك مباراة الوحدة الأخيرة وقبلها ترتيبه المتقدِّم دائماً على جميع اللاعبين بلا استثناء في جميع اختبارات اللياقة البدنية ناهيك عن حاجة الفريق الحقيقية لقائد بمواصفات الشلهوب، إذن ما المشكلة في استمراره ولو هاوياً؟!
لقد كان صيف عام 2005 صيفاً مختلفاً على الصعيد الرياضي المحلي إثر صفقة لاعب آسيا الأول عام 2007 الكابتن ياسر القحطاني، إذ كان الصراع الهلالي الاتحادي على أشدّه للظفر بخدمات القناص فكان من نصيب الهلال في نهاية المطاف وما زلت أستذكر موقف ياسر البطولي عندما تنازل عن جزء من قيمة عقده مقابل التوقيع مع الهلال وهذا الموقف ليس بمستغرب عليه ولن ننسى أبداً كيف حسم دوري 2008 من فك النمر الاتحادي ومساهمته الفاعلة في كثير البطولات، هذه حقيقة لا يملك أي منصف سوى الاعتراف بها، إنني أستغرب غاية الاستغراب في وسائل التواصل الاجتماعي إقحام اسم النجمين محمد الشلهوب وياسر القحطاني سوياً كلما أتى موضوع التجديد معهما وكأنهما باقة واحدة! أليس لكل لاعب خاصيته التي يتفرد بها سواء على المستوى الفني أو اللياقي؟! أليس من الظلم والجور أن نضع لاعبين كبيرين بحجم الشلهوب وياسر على قدم المساواة في مسألة الاستمرار في الملاعب من عدمها رغم اختلاف المجهود البدني لكل منهما؟! ما الذي يمنع على سبيل المثال إعلان ياسر الاعتزال واستمرار الشلهوب؟! أو إعلان الشلهوب الاعتزال واستمرار ياسر؟! على سبيل المثال، أقدّر وأحترم تقدير ووفاء إدارة الهلال للاعبين الكبيرين بما يليق بتاريخهما وبما قدماه للفريق، لكن على الصعيد الفني يجب إعطاء كل ذي حق حقه وعدم بخسه، والله من وراء القصد.
- محمد بن سالم السالم