يوسف المحيميد
إذا كانت هناك شخصية مثيرة للجدل محليًا، وتحظى بالمتابعة والمشاكسة، سواء بالتأييد أو الرفض، فهي شخصية رئيس هيئة الترفيه، الذي بدأ السعوديون بالسخرية منه عند تعيينه، وملاحقة حسابه في تويتر، وسؤاله عن آخر نكتة، ثم تغيرت النظرة حينما اكتشفوا أن الأمر يتخذ طابع الجدية، وأن عمل هذه الهيئة منظم، ووفقا لأهداف رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد، بخمس دعائم مختلفة، من بينها صناعة الترفيه، أحد أهم مقومات السياحة في مختلف دول العالم، ولعل من أبجديات الترفيه وجود صالات السينما في كل دول العالم دون استثناء!
وفِي الأسبوع الماضي اضطر رئيس هيئة الترفيه إلى تبرير وتصحيح حوار صحفي أجرته معه وكالة رويترز، وتمت ترجمته التي يرى أنها ترجمة غير دقيقة، منها قوله إن على المحافظين ممن لا تعجبهم فعاليات وأنشطة هيئة الترفيه أن يبقوا في منازلهم، وهو يعني أن حضورهم هذه الفعاليات ليس إجباريًا إذا لم تكن تتفق مع قناعاتهم، لكن ليس من حقهم حرمان المواطنين الآخرين ممن يرغبون بهذه الفعاليات، وتصريحه حول السينما لا يستحق كل هذا الجدل، في النهاية السينما قادمة لا محالة، وذلك من خلال أنظمة التجارة، مثلها كمثل أي نشاط تجاري، ومضبوطة بإشراف تنظيمي من الترفيه والثقافة وكل الجهات المختصة.
ولعل أسوأ ما يقوم به التقليديون من ربط هذا النشاط الترفيهي والتثقيفي بالإسلام، وتخويف من يعارضهم بالويل والثبور، وإطلاق الدعوات عليهم، مع أن معظم هؤلاء لا يدركون ماهية السينما، وإنما يبنون تصوراتهم من خلال فئة قليلة ممانعة، لا تريد للمجتمع أن يتغير، وأن ينفتح على ثقافات العالم، فيغذون عقولهم بأن هذه الوسيلة تدعو للفحش، بينما هي لا تختلف - بشكل أو آخر- عن التلفزيون، والأفلام المعروضة فيه، فمن الصعب أن تُبنى قرارات دولة حديثة متطورة، حاضرة بقوة في المشهد العالمي، السياسي والاقتصادي، على مزاج أشخاص لا يخلون من الجهل، فمن رجل يشتم «السينمه» بالهاء، إلى امرأة تدعو بالثبور على من يقود هذا النشاط الاقتصادي ومن أدخل «السيانم» للبلاد، وتعني (جمع سينما).
لا أعتقد أن ثمة جدوى من تصويب رئيس الترفيه لتصريحه إلى وكالة رويترز، فلن يضيف شيئًا، ولن يغير نظرة هؤلاء التقليديين، الذين يخشون الجديد، ويحاربونه بكل الوسائل، لذلك على رئيس الترفيه أن يمضي في مشروع الدولة، وتحقيق رؤيتها، ولا يضيع وقته في إقناع هؤلاء، لأنهم مع الزمن سيتغيرون، وسيرتادون صالات السينما، وتتطور أفكارهم من خلال ربطهم بالعالم الجديد، فلا تقلق معالي الرئيس، وعليك ب «السيانم» دونما تبرير ولا تفسير ولا إقناع، قناعتنا الوحيدة أن ما تفعله سيضيف للثقافة والترفيه من جهة، وسيسهم في تنويع اقتصادنا من جهة أخرى.