د. عبدالواحد الحميد
بلغ عدد الأشخاص الذين ألقت الجهات الأمنية القبض عليهم خلال النصف الأول من العام الهجري الحالي، ألفاً وستمائة وثمانية وعشرين (1628) متهماً، لتورطهم في جرائم تهريب واستقبال ونقل وترويج مخدرات ومؤثرات عقلية، وكانت المواد المهربة مهولة من بينها عشرات الملايين من الحبوب المخدرة والحشيش والهيروين، بالإضافة إلى آلاف الأسلحة المتنوعة والطلقات الحية التي تم ضبطها مع المتهمين!
هذه أرقام تدير الرؤوس، مع أنها لابد أن تكون جزءاً مما تم اكتشافه، فقد تكون كميات أخرى من المخدرات تسربت إلى البلاد رغم الجهود الجبارة التي تبذلها الأجهزة الأمنية، والتي بفضل جهودها تمت الإطاحة بالكثير من مجرمي تهريب المخدرات ومروجيها. وفي هذه الجزئية، لابد أن نشيد بجهود الجهات الأمنية وغيرها من الأجهزة الرسمية التي تسهر على حماية المجتمع من شرور المهربين والمروجين.
ومعلوم أن تجارة المخدرات أصبحت تجارة عالمية تدر مئات المليارات من الدولارات، وتقوم على إدارتها عصابات إجرامية عابرة للحدود وللقارات، ولم يسلم أيُّ مجتمع من أذى هذه التجارة التي تستهدف شباب العالم، دون أدنى اهتمام بما تسببه المخدرات من دمار للمجتمعات.
نعم، نحن جزء من العالم، ونعم هناك جهود كبيرة تبذل لمكافحة المخدرات في بلادنا، لكن الأمر الذي يتطلب مزيداً من العناية والاهتمام وتكثيف الجهود، هو تفكيك المجموعات الإجرامية التي تعمل في الداخل وتستقبل المخدرات وتروج لها بين أوساط الشباب.
مهربو المخدرات لا يعملون في فراغ، فهم أحياناً مجرد أناس يحملون بضاعة بسبب التغرير بهم أو بسبب ظروفهم النفسية والمادية أو بما قد يكون لديهم من نزعة إجرامية، أو غير ذلك من الاعتبارات التي بكل تأكيد لا تعفيهم من العقاب الصارم، لكن المجرمين الأخطر هم أفراد العصابات الذي يعملون في الداخل.
لقد كُتب وقيل الكثير عن هذه العصابات التي تبدو أحياناً مثل كيانات افتراضية غير موجودة في عالم الواقع، ولكن لكي نقضي على مشكلة المخدرات من جذورها أو نحد منها بشكل كبير، يجب أن تكون البداية من تفكيك هذه العصابات والإعلان عن أعضائها ومعاقبتهم بما يستحقون من شديد العقاب.