د.عبدالعزيز الجار الله
حديث ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رسالة منه للداخل، وأخرى للخارج، لكنه بصورة أخرى يتوجه للجيل الذي يحضِّر نفسه للدخول لسوق العمل، للجيل الذي على مقاعد الدراسة الجامعية، أو من تسلموا وظائف الدخول؛ فالأمر يتعلق:
أولاً: الفترة السنية، وهي من العوامل المؤثرة في طروحات الخطط؛ لأن المخطط أكثر ما يراه في تنفيذ الأجندة والاعتماد هم الشباب لإدارة دفة الأعمال الاقتصادية والاستثمارية.
ثانيًا: التحوُّل الاقتصادي من خام النفط إلى تعدد المصادر، وهي قلب الأدوار من الإنتاج إلى التصنيع.
ثالثًا: تحوُّل الجامعات والتخصصات الأكاديمية طواعية أو جبرية إلى متطلبات سوق العمل؛ فقلصت أو توقفت تخصصات العلوم الإنسانية لصالح العلوم الطبيعية والتطبيقية.
رابعًا: كنوز الأرض واستثمارات موجودات باطن الأرض فرضت نفسها على المخططين، وبدأت تظهر في القاموس الاقتصادي (الموانئ البحرية، جسور الربط الدولي، الجسر البري بين المناطق، وسائط لنقل تجارة دول الخليج عبر البحر الأحمر، التراجع عن ممرات الخليج وبحر عمان وبحر العرب).
خامسًا: فرضت البيئات نفسها، البيئات البحرية والصحراوية والمحميات الطبيعية والحرات، كقيمة اقتصادية.
سادسًا: استثمار المخزون والإرث الثقافي الأثري والتراث الشعبي، وجعله من الموارد المالية.
سابعًا: تحويل موسم الحج والعمرة من موسم محدد بأشهر من السنة إلى زيارة دينية طوال السنة، وتكرار الحج والعمرة مقابل عائد مالي.
ولي ولي العهد قدَّم توجهات السعودية للمرحلة القادمة بعد أن عاشت السعودية على نمط من العيش والاقتصاد النفطي لمدة (70) عامًا، عاش اقتصادها على أعمال البترول، كما أن السكان عاشوا على نمط استيطاني واجتماعي حتى طفرة الاقتصاد الثانية 2014م. وهذا الجيل على نهاية الخدمة الوظيفية، وتنتظر السعودية طلائع الصف الثاني وجيل الألفية الثالثة.
مثل هذه الثقافة والطروحات للجزيرة العربية والسعودية والخليج، التي وُصفت بالصحراء، تحتاج إلى جهد مضاعف للتحول، وإيمان عميق بالفكرة التي لو عدنا للتاريخ لتعرفنا على الأساليب المتبعة عبر التاريخ في كون الجزيرة العربية عاشت حقبًا من تاريخها كوسيط تجاري بين القارات الثلاث: آسيا وأوروبا وإفريقيا، وهو واحد من الأدوار التي ستؤديها السعودية في الألفية الثالثة.