د. صالح بن سعد اللحيدان
هناك في علم النحو أساسيات قد تغيب حتى على ذوي التخصص المكين، قد يكون بسبب العجلة، وقد يكون بسبب الحرص، وقد يكون بسبب من باب تداخل الأشباه بين حال وحال من فعل أو مفعول أو حرف وحرف، كلاهما له معنى غير المعنى لذلك الحرف.
وستجد أثناء الندوات العلمية أو الثقافية أو الندوات الوعظية، ستجد مثل هذا إذا تدبرت ما تسمع أو تأملت ما تقرأ.
وهذا ينبئ أول ما ينبئ إليه إلى عدم الاهتمام وشدة الحرص الجيد على فهم المراد من النسق المطروح.
ولسوف أورد مثلاً لعله يغني عن كل مثل وأنت إذا تعمقت في هذا أصبح لديك قدرة ذاتية على الوقوع على الخطأ حتى ولو كان عميقاً فخذ مثلاً:
1- المفعول فيه/ هو يشبه المفعول له وإن وقع اختلاف يسير إلا أن المفعول فيه فيه نوع غموض قد لا يقف عليه إلا القلة، لكن في مثل هذا ولعلاقة الظرف بما أحرره هنا فإن الظرف مطلقاً هو (اسم في حال نصب دائماً قد دل على مكان أو دل على زمان محتوياً من حيث المعنى حرف (في)).
وهذا نحو (سافرت تجاه مكة يوماً) وقس عليه فالمراد والله تعالى أعلم (سافرت تجاه مكة في).
2- المفعول له/ وأصل هذا المفعول أنه المصدر المدرك منه عله (والمدرك) إنما هو بفتح (الراء) على البناء للمفعول.
وهذا مثاله: (قل صدقاً) وقس عليه ونلاحظ أن كلمة «صدقاً» قد نصبت وهذه حالها طرداً وهي: (مصدر) لكنها مفعول له فتنبه.
ومرادي من قولي (المدرك منه عله) أن المراد هو: (قل رجاء الثواب الصدق).
وقد توسع في هذا المفعول من دلالة المعنى الدالة على المراد ويطلق عليه: (المفعول لأجله) وهذا وجيه إذا تأملت المثال.
ولكن لهذا المفعول أنواع وبسبب عدم الوقوف على هذه الأنواع من قبل العلماء والباحثين فإن الخطأ يقع -دون قصد- لكن هذا الخطأ ينخلط أمراً بأمر ومفعولاً بمفعول آخر وهذه في الحقيقة يضيع معها هذا العلم المهم.
ولأطرح على سبيل الاختصار هذه الأنواع:
1- أن يخلو مما يصرف عنه لئلا يقع هنا الأشباه فيكون في حال جر.
مثاله: (قربت كتابي للقراءة) وهناك من جعل (اللام) تعليليه فألزم حذفها فيكون المثال: (قربت كتابي لقراءة).
2- أن يكون خالياً من الألف واللام وهذا النوع يكون أهم نوع، مثاله:
(أمرت طالبي تعليماً) وقس على هذا المثال سواه.
3- أن يكون في حال إضافة دائمه وهذا شرطه مثاله: (أقرأت الكاتب لتعليمه).
4- لا بد أن يوجد فيه علة مفهومة لما سبق مثاله: (تكلم حقاً) أريد من أجل الحق وهذا واضح.
3- المفعول معه/ وهذا النوع يقع فيه إشكال لأنه يحتاج إلى قوة فهم لاسيما (وعلوم الألة) من العلوم العقلية التي تحتاج إلى قوة إدراك وسعة نطاق.
وسيتضح فيما بعد وعند التوسع أثناء طباعة (الجزء 10 و11 من هذا المعجم) بحول الله تعالى، هنا سيتبين هذا الأمر من خلال التعريف وهذا المفعول هو:
(اسم منصوب بالمصاحبة) ومعنى ذلك أنه لا بد أن تتقدم عليه (الواو) «واو المعية» هكذا فيظهر من خلال المعنى المفعول، وهذا من جمال وعمق اللغة والنحو مثاله: (قرأت والعالم) أو (نظرت والعاقل) أريد هنا (قرأت مع العالم) و(نظرت مع العاقل)، نعم في هذا كما أسلفت إشكال لكنه يزول بدلالة المعنى وتذوق المثال.
وهذا المفعول له أنواع ليس هنا محال بيانها وشرحها وأمثلتها لكنها تفهم من خلال المثالين المضروبين ولا جرم.
إلا أن الذي أحب بيانه لئلا يفوتني هذا وهو وجه لازم لي بيانه أن (الواو) لها معنى العطف ولها معنى التعليل لكن هكذا على السماع إلا أن الذي يحسن ذكره هنا أن النصب بعد الواو قال به كثيرون فينصب ما بعد الواو مفعولاً معه.
قلت هذا ظاهراً لمن تأمله.