قاسم حول
عرفته وصرنا صديقين عام 1970 حين التقيته في مهرجان لايبزغ في ألمانيا الديمقراطية السابقة يوم اجتمعنا وقررنا تأسيس السينمائيين التسجيليين العرب. وكان سمير فريد يبشر بتيار السينما الجديدة في مصر كبديل عن السينما التجارية والسينما التقليدية في تيار السينما البديلة الذي عقدناه عام 1972.
في تلك الفترة كانت التيارات المجددة للسينما قد بدأت تظهر وتحمل أفكاراً مجددة، لكنها لم تصمد سوى سنوات، فلقد هزمت السينما التجارية ذلك التيار. ومن التيارات التي ازدهرت في أعوام الستينات والسبعينات «سينما تحت الأرض في أمريكا. سينما أوبرهاوزن في ألمانيا. السينما الحرة في بريطانيا. وتيار السينما الجديدة في مصر، الذي أدمج برغبة السينمائيين العرب لتشكيل تيار السينما البديلة الذي تأسس عام 1972» كان الراحل سمير فريد أحد المؤسسين لهذا التيار، فجلب لمؤتمرنا فيلم «أغنية على الممر» لعلي عبد الخالق وظلال في الجانب الآخر لغالب شعث. والفلاح الفصيح لشادي عبد السلام. ومن لبنان شارك كرستيان غازي بفيلم مئة وجه ليوم واحد. وقاسم حول فيلم اليد وفيلم نوه للجزائري عبد العزيز الطلبي» .. كان سمير فريد يحمل أفكار السينمائيين الطليعيين في مصر. لكن الواقع التجاري وقوة المال وظروف السياسة حالت جميعها دون تحقيق أهداف السينما العربية البديلة.
سمير فريد يمكن اعتباره «إنسكلوبيديا سينمائية» في معلوماته وأرشفته ومؤلفاته، وقد كرم كثيراً في مهرجانات السينما وأصبح عضواً في لجان تحكيم في مهرجانات سينمائية عربية وغير عربية. آخر موقع تسلمه هو مدير مهرجان القاهرة السينمائي. لم تستغن عنه كل مهرجانات السينما عندما تتأسس فهو المنظم والمبرمج وصائغ القوانين الخاصة بتلك المهرجانات .. ودائما لمساته واضحة في كل المهرجانات. مجلات السينما المتخصصة في مصر والبلاد العربية تنشر البحوث والدراسات لسمير فريد. وهو مع إمكانياته في الثقافة السينمائية فإن من يتعرف عليه كإنسان تجده في منتهى الإيجابية. وهو من الجيل السينمائي العربي الذي يتسم بالموضوعية في الكتابة عن الأفلام والمنهجية النقدية في تحليل تلك الأفلام من الناحية الفكرية والناحية الفنية الجمالية.
ولد سمير فريد عام في القاهرة عام 1943 وتخرج من قسم النقد بالمعهد العالي للفنون المسرحية عام 1965 وكان الناقد السينمائي لجريدة الجمهورية المصرية وهو لما يزل في المعهد قبل سنة من التخرج. وهو عميد النقاد السينمائيين العرب. وعندما صدرت مجلة المصري اليوم كان هو كاتب الزاوية الأسبوعية بعنوان «صوت وصورة». وقد حصل على جائزة التفوق في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة عام 2002 وأشترك في أصدار ثلاث مجلات سينمائية منذ العام 1969. صدر له خمسون مؤلفا ومترجماً ومؤلفاته تعتبر مراجع لا يستغني عنها فنانو السينما ونقادها وعشاق الفن السابع. حصل على ميدالية مهرجان كان الذهبي في دورته في نهاية القرن العشرين. وكان مهرجان برلين السينمائي قد كرمه تقديراً لمكانته في النقد السينمائي العربي ومساهمته في تطوير السينما العربية.
رحل عنا وهو في قمة عطائه في الرابع من أبريل 2017 عن عمر ناهز الثلاثة والسبعين عاماً.
إن الكتابة عن هذه الموهبة النقدية والموضوعية في تناول الأفلام ونماذج السيناريوهات العالمية التي ترجمها لتثري المكتبة السينمائية العربية. شخصيات مثل سمير فريد لن تتكرر في عالم السينما العربية، وكان ينبغي للسينمائيين العرب في مصر وهو بينهم أن يعملوا عنه فيلما وثائقيا يؤرخون فيه تاريخ النقد السينمائي ودور النقد السينمائي في تطوير السينما العربية.
للأسف لا نمنح السينمائيين القيمة والمكانة التي يستحقونها .. فقط حين نفاجأ برحيلهم. هذا الجيل من السينمائيين يرحلون وتبقى الحياة باهتة حين يرحل عنها المبدعون.
ورحيل مخرج فيلم «صمت الحملان»
وفي مدينة نيويورك أعلن في السابع والعشرين من أبريل 2017 عن رحيل المخرج الأمريكي الشهير «جونثان ديمي» عن عمر ناهز الثلاثة وسبعين عاما. وكان آخر أعماله فيلم «صمت الحملان» توفي بسبب سرطان المريء، وقد نعاه مستشاره الإعلامي، وعبر عن خسارة السينما لاسم مهم من الأسماء التي يندر مثيلها في السينما. وكان «جونثان ديمي» قد حصل على أوسكار أفضل فيلم وأفضل مخرج إضافة إلى حصول بطلي فيلمه «صمت الحملان» على جائزتي أوسكار لأفضل ممثلة وأفضل ممثل.
غياب المخرج «جونثان ديمي» الذي يعتبر مبكراً، حيث كانت عدد من السيناريوهات والأفلام تنتظر أن يضعها في أيدي ممثليه ومصوريه .. وبقيت السيناريوهات دون مخرج يبعث في سطورها الحياة.