فى يوم عرسها وتتويجها كعاصمة للسياحة العربية بكت أبها وحق لها أن تبكي، فقد خذلها الفرح وقبله ممتهنو الفوضى وقلة الأدب!
صنَّاع البهجة خانتهم جسارة المناسبة وعظم اللحظة ومسؤولية التحضير، أما صناع الفوضى فيبدو أن المنَاسبة كانت مناسِبة لهم ليسفروا عن وجه قبيح دنس المكان والزمان وضرب إسفينا فى الذاكرة الأبهاوية كون عبثهم جاء فى لحظة ثقافية كبيرة، كان يفترض أن تكون للتاريخ قبل أن تكون لأبها مكاناً وإنساناً.
كل الأبهاويين كانوا يمنون أنفسهم بتظاهرة استثنائية تكون بداية حقيقية لصناعة سياحية مميزة، تضيف لأبها أبعاداً استثمارية جديدة، تدفع عجلة التنمية قدماً، وتزيد من فرص الاستثمار فى الإنسان قبل المكان .
الاستعدادات كانت على أشدها، والجهات ذات العلاقة تمارس ادوارا تعبوية وتنظيمية من منطلق مسؤوليتها كراعية كبرى لمثل هذه المناسبات.
الإعلام حضر قبل المناسبة بوقت طويل، وأخذ يعبئ أبها وساكنيها لهذه الحفلة وهذا العرس المنتظر.
ما الذي حصل ؟ دُشنت أبها المدائن عروسا فى حفل بهيج وبحضور ثلة من الفاعلين والمؤثرين، بعد الحفل ظهرت الفوضى الخلاقة برعاية شباب امتهنوا البذاءة وسيلة تعبير، والعنف أسلوب فرح، وتعطيل مصالح الناس نتيجة حتمية لما فعلوه فى ذلك المساء البهي بأبها المحزن المخزي بما صنعوه!!
تساءلت كمواطن سعودي أولاً، وأبهاوي ثانيا: إذا كانت هذه اللحظة الفرائحية من عمر أبها المديد كانت ردة البعض من الشباب تجاهها مثل ما شوهد وخبر فما عسى ان تكون ردة فعلهم فى أمور أخرى؟!
حبا الله أبها موقعا أخّاذاً، وجواً عليلا طوال العام؛ مما جعلها وجهة لكل باحث عن الهدوء والسكينة والجمال ،واختيارها لتجلس على عرش المدائن كعاصمة للسياحة العربية لم يكن اعتباطا ولا مجاملة، بل واقع وقبله تاريخ يثبت تميز هذه المدينة ورقيها.
سؤال حيرني، وهو: لماذا بعض شبابنا وفى مثل هذه التظاهرة الفرائحية ينحو سلوكهم الى هذا المستوى من النشاز والعبث ؟
أعتقد أنه سُخط على اللحظة، تمرُّد على المجتمع وقوانينه وأعرافه وتقاليده، هؤلاء الشباب لا ينقصهم العلم ولا الدراية ولكن ينقصهم مفهوم احترام المجتمع والانصياع لأعرافه ومبادئه، غياب العقل الرادع وقبله الوازع الاخلاقي يجعل هؤلاء الشباب يمارسون طقوسهم العبثية بدافع من التسلط وحب الظهور، فحادثة كورنيش الحمراء فى جدة إصدار سابق لما حصل فى أبها، كلاهما تعكسان وتؤكدان ان هؤلاء الشباب لن يوقفهم الا حزم منظم وممنهج يعيد هيبة المجتمع ومبادئه الى الواجهة ويصبحان خطين احمرين يحرُم الحوم حولهما فضلا عن ملامستهما أو الاقتراب منهما.
ثقافة العبث والخروج على القانون اصبحتا اطارا وعنوانا لممارسات هؤلاء الشباب، ليس فى ابها فقط بل فى كثير من مدننا ونواحينا.
نعم، لسنا بدعا من البشر فكثير من الأمم والمجتمعات يحصل فيها ما حصل عندنا، ولكن القانون هناك فاعل يأخذ على يد السفيه ويعيده إلى جادة الحق والصواب..
عذراً أبها فقد أراد لك رموزك وأهلك حفلا استثنائياً يليق بك، ولكن أصوات النشاز كان لها حضور سلب منك البهجة وجعل الجميع ينسونك وينسون جمالك ذلك المساء لترسخ فى الأذهان صور اولئك المجانين وهم يشوهون بهاءك .
لقد اختزل الناس والاعلام ووسائله عرسك واحتفالك فى تلك الصور المقيتة لشباب تصالحوا مع العبث والتخريب وشرعنوا ثقافة العبث لتكون منهجهم فى الحضور والمشاركة والتأثير .
عذرا عروس العواصم؛ فلحسنك بقية ولنا مع جمالك موعد، وعلى ثراك لنا لقاء.
- علي المطوع