حين يختفي نهاره عن عالمي أشعر بأن النوافذ في وجهي ومن حولي مترصدة كما نجمة بقيت وحيدة في سماء كالحة دونه أناي.
كم أحتفظ بكلماته أكثر مما يحتفظ هو بقولي وأتهجدها حتى ألتقيه في أحلامي القديمة.
كيف سأتقبل ذلك الليل الذي بات يستله مني يوما عن يوم ويخفيه عني؟.
الليل حصيرة النهايات وتراجيع الذكريات التي تصيب بقايا الوقت وأغصان المكان بصدمة الفقد التي تهز الذات بحيرة مفرطة، إنها آثام عشق المستحيل.
أيّ بعد واغتراب نسج بهما الليل خيوط حداده الأخير؟
هل كان منصتا إلى تلك الأحلام الموجعة؟
سأرمي ناي الليل وأكتفي بالصدى الذي يكشف لي عن سر كلماته السحرية في تاريخ الوقت لأخبئه في سمعي، كي أراه في المدى حيا مثل ثورة أراه في كل الأحداث، فالمدى يحاصرني به، أتمرغ فيه كهواء حنون أتحسس انبعاثه في أجوائي المنهمرة، وأنا أعلم بأنه ظلي مرة يكون سرابا ومرة يكون بحيرة وينابيع، أسبح فيه مثل نهر ولا أشربه لا أرشفه كي لا أخسر بعضه، أعطش لترتوي أحاسيسي بهذه الضفاف التي ستبقى في أحلامي مهما غير جريانه نحو صحراء جديدة وانحدر في كل ناحية كنهر.
لن أكشط جسد تلك الصخرة لتبدو ناعمة وتدحرجني نحوه. لن أتدحرج نحوه بل سأغوص فيه ففي قاعه أنا، نهري الفضي الذي لا ينتبه إلى بريق قلبي هو. وجهه المتلهف أنا. في كل سمكة وصَدفة وطحلبة ونورسة ومهر عطشى وعابر سبيل يقفز عنه ماضيا نحو قدره سأظل وسيظل محفورا في كل بقاعي فهو فصولي وأمطاري وصحاري وثلوجي، هو كوخي المحاط بالشجيرات وبي.
ذلك الفرد القديم الذي يتجدد في قلبي وسمعي كمسافة معلقة بروابط لا افتراضية نحو المستقبل ،أحاول التحرر من فراغه فيّ، أملأه به ولاأكتفي.
هل يعي ذلك الشارد المتواري فيّ ودوني يوماً ما؛ ماهي اللحظة التي تنتظره بالنسبة لي؟.
- هدى الدغفق