هل قوة الطالب نتاج لسلطة الأكاديمي ؟ أو هل ممكن أن تكون سلطة الأكاديمي هي المحفز الأساس لبروز الطالب النجيب ؟! أو هل ممكن لنا أن نعتبر الأكاديمي الذي يفرض كامل سلطته على الطالب هو الأكثر تأثيرًا عليه ؟!

ربما يكون الجواب على ته الأسئلة منوط باستيعاب العلاقة بين الأكاديمي والطالب أو لنقل بين سلطة الأكاديمي وقمع الطالب، ففي الحين الذي يحق للأكاديمي - وهو الأستاذ- أن يمارس سلطته على الطالب فإن النجابة تكون متوافقة مع هذه السلطة؛ أما حينما نعتبر ممارسة السلطة هو نوع من القمع؛ والقمع هو علاقة سلبية بين الأستاذ والطالب؛ فالنتيجة حتمًا ستكون سلبية على الطالب ذاته؛ بل وعلى مفاهيم الطالب في هذه العلاقة حينما يمارسها فيما بعد مع طلابه هو أيضًا.

الإشكال الذي يلازم الأكاديمي دائمًا هو امتلاكه لسلطتين: السلطة المعرفية باعتباره باحث دكتوراه؛ والسلطة التنفيذية باعتباره يملك (علامات) يهدد بها الطالب أو يملك منصبا سياديا يمارس من خلاله سلطته على من دونه. ومن هاتين السلطتين ينتج لدينا قمع فكري وقمع آخر إداري، والقمع الفكري يمارسه على الطالب بينما القمع الإداري يمارسه على المرؤوس؛ وهنا تتجلى سلطة الأكاديمي بكل قوتها في القمع بل بشتى وسائل القمع.

وربما يكون الخروج من هذا الإشكال السلطوي باعتبار العلاقة الأكاديمية بين الطالب وأستاذه هي علاقة حوارية نقاشية لا تقوم على التصويب بقدر ما تقوم على التفعيل؛ والتفعيل هنا يكمن في دور الأكاديمي/الأستاذ بتفعيل دور الطالب في البحث والنقاش ومشاركته التفكير؛ وهذا يستلزم إخفاء جانب سلطة(العلامات) التي يهابها الطالب؛ سواءً كان هذا الإخفاء بشكل مباشر من خلال الإعلان للطلاب بأن الدرجة لا تشكل تهديدًا له؛ أو بشكل غير مباشر من خلال منح الطالب الفضاء الشاسع من حرية الطرح في قاعة الدرس دون التلميح ب(العلامات) سلبًا أو إيجاباً.

أما الخروج من الإشكال السلطوي باعتبار ملك السلطة التنفيذية فهذا يكمن في نزع الهيمنة من الأكاديمي على مناصب السلطات التنفيذية؛ واعتبار هذا المنصب تكليفًا أكثر من كونه تشريفًا له؛ فليس استحقاقه للفرصة الأكاديمية دليلًا على تميزه الفائق بل تميزه ضمن تميزات عديدة في المجالات الأخرى، بمعنى أن سلطة الأكاديمي لن تكون منبتة عن السؤال والمناقشة واعتقاد الفضيلة المطلقة؛ بل هي سلطة تخضع لسلطة أخرى تمارس عليها القمع؛ ويتم تبادل القمع بينهما حتى يسلم من هو دون هاته السلطات.

- صالح بن سالم

@_ssaleh_