موضي الزهراني
إن كلمة جمهور في معناها العادي تعني «تجمعاً لمجموعة من الأفراد، أياً تكون هويتهم أو مهنتهم أو جنسهم، وأياً تكون المصادفة التي تجمعهم. هذا ما تناوله كتاب» سيكولوجية الجماهير» لمؤسس علم «نفسية الجماهير» غوستاف لو بون، وترجمة هاشم صالح، فهذا الكتاب من أشهر كتبه على الاطلاق، وهو الذي بوأه مكانة رفيعة في عالم الفكر والمعرفة، وهو الوحيد الذي قررته الجامعة الفرنسية في برامجها كمرجع بعد أن رفضت صاحبه كأستاذ طيلة حياته على الرغم من كل محاولاته! فالجوانب المُهمة للجماهير المتنوعة يتناولها الكتاب ويفسر مدى خطورتها على اتخاذ القرارات المصيرية في الدولة، لما تُشكله من قوة ضاغطة حتى وإن كانت «مجرد تكتلات بشرية مختلفة في خصائص كل فرد يشكله» لكنها تُشكل مجموعة قوية وخاضعة لقانون الوحدة العقلية للجماهير! فالجمهور لا يخضع للوحدة النفسية المؤثرة إلا إذا اجتمعت في أهداف مشتركة وخصائص نفسية متشابهة، مما سيكون له الأثر الأكبر في تحريك القادة وقراراتها المستقبلية، وهذا مما نلاحظه في قروبات مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً وخاصة «التويتر» والذي أصبح شريكاً في اتخاذ القرارات وناقلاً لها بأساليب أقوى تأثيراً على الجماهير، وأسرع من أي وسيلة إعلامية أخرى! وهو أيضاً مساحة خصبة لانتشار الجمهور النفسي والذي يُعرفه الكاتب بأنه « عبارة عن كائن مؤقت مؤلف من عناصر متنافرة، ولكنهم متراصو الصفوف للحظة من الزمن، إنهم يشبهون بالضبط خلايا الجسد الحيّ التي تشكل عن طريق تجمعها وتوحدها كائناً جديداً يتحلى بخصائص جديدة مختلفة جداً عن الخصائص التي تمتلكها كل خلية «وهذا الجمهور يعتبر من أقوى الجماهير تأثيراً في اتخاذ القرارات وذلك بسبب الروح الجماعية التي يتصفون بها حتى تحقيق مطالبهم وأهدافهم! وقد نشاهده أكثر في الجمهور الذي يطالب بإنصاف مظلوم، أو تحقيق حاجة فقير، أو مساعدة مريض، وغيرها من الاحتياجات البشرية الإنسانية التي تمس أوجاع الناس البسطاء وغير القادرين للوصول لأصحاب القرار! والكتاب تناول نقطة مهمة ألا وهي أن هناك غالباً جماهير ما تكون مجرمة وتسيء للروح الجماعية ومن السهل اقتيادهم للإعدام بسبب ما يثيرونه من تفرقة للصفوف وللوحدة الوطنية من أجل تحقيق أهدافهم الشيطانية وبدون وجه حق! بعكس بعض الجماهير التي تساهم في بثّ روح الحماس والدفاع عن المجد والشرف والعدالة بين الصفوف الوطنية. فهذا هو الجانب الخطير والهامفي الانضمام للجماهير القائمة على التحريض وخاصة بالنسبة للشباب الذين قد تأخذهم ثورة الحماس وسرعة الانفعال والانقياد لمطالبات قد تسيء لأمانهم النفسي، وأمنهم الوطني! وأخيراً هذا الكتاب الهام من الضروري إدراجه ضمن قائمة المواد الجامعية لتوعية الشباب بأهمية التعرف على أنواع الجماهير وكيفية الانضمام لها بما لا يسيء لوحدتهم الإسلامية والوطنية!