فضل بن سعد البوعينين
عام مضى على الظهور الإعلامي الأول للأمير محمد بن سلمان؛ ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع؛ المرتبط برؤية المملكة 2030. الكثير من العمل الجاد والمثمر الذي أنجز خلال عام من إطلاق الرؤية؛ والتساؤلات الحائرة؛ والشائعات والأقاويل التي احتاجت إلى مزيد من التواصل الإعلامي مع عامة الشعب؛ قبل خاصتهم. جاء حديث الأمير محمد بن سلمان يوم أمس الأول ليجيب على كافة التساؤلات الاقتصادية والأمنية والسياسية؛ التي شغلت الشارع.
ولأن الحديث موجه لعامة الشعب؛ فقد بثت المقابلة على جميع المحطات التلفزيونية والقنوات الإذاعية السعودية لضمان وصولها إلى شرائح المجتمع بحسب ارتباطهم بالوسيلة الإعلامية المفضلة. ومن الطبيعي أن تكون للمتابعة العربية والدولية لقناتي «العربية» وmbc دور في إيصال الرسائل الخارجية ذات العلاقة بالجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية على حد سواء. استدامة التواصل الإعلامي من الأدوات المهمة الضامنة لإنجاح مشروعات التحول؛ التي لا تخلو من المواجهة القائمة على الخوف من المستقبل؛ والباحثة عن الطمأنينة والمخرجات الإيجابية. ارتفاع نسبة المشاهدة، وردود الأفعال الإيجابية حيالها يؤكدان على أهمية التواصل الإعلامي النوعي وتدفق المعلومات من مصادرها؛ وتفنيد الشائعات بطرق احترافية مؤثرة.
تحفيز الاقتصاد من المحاور المهمة التي تحدث عنها سمو الأمير محمد بن سلمان. الإعلان عن ضخ ما يقرب من 500 مليار ريال من صندوق الاستثمارات العامة؛ إضافة إلى الدعم الحكومي للقطاع الخاص المقدر بـ 200 مليار ريال سيسهمان بشكل مباشر في تحفيز الاقتصاد على أسس نوعية. يبدو أن هناك تحولاً في آلية الإنفاق؛ وتوجيهه نحو القطاعات المهمة وفي مقدمها الصناعات العسكرية؛ صناعة السيارات؛ التعدين؛ السياحة والترفية. تعزيز المحتوى المحلي أحد أهداف رؤية المملكة 2030 ومن غير الممكن تحقيق ذلك الهدف دون ضخ الاستثمارات النوعية في القطاعات المستهدفة بالتوطين؛ وهي قطاعات عالية المخاطر وفي حاجة إلى رساميل ضخمة لا يمكن للقطاع الخاص الوفاء بها، ما يستوجب دخول الحكومة كمؤسس لتلك الصناعات بالشراكة مع القطاع الخاص.
تنويع مصادر تحفيز الاقتصاد من خلال الإنفاق الحكومي المعتاد؛ وصندوق الاستثمارات العامة؛ وصندوق دعم القطاع الخاص يمكن أن يعجل في النتائج الإيجابية؛ ويزيد من ثقة المستثمرين ويؤكد في الوقت عينه تكامل منظومة التحول وفق برامج قادرة على معالجة الانعكاسات السلبية في وقتها. قد تكون رسالة «تحفيز الاقتصاد» من أهم رسائل اللقاء الإيجابية الموجهة للقطاع الخاص الذي بدا متشائمًا خلال سنة التحول الأولى.
ومن الرسائل المهمة تأكيد سمو ولي ولي العهد «بأنه لن ينجو أي شخص دخل في قضية فساد سواءً وزيرًا أو أميرًا أو أيًا كان... أي أحد تتوفر ضده الأدلة الكافية سيحاسب». تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد من أهم أدوات الحكم الرشيد؛ والضامنة لمخرجات التنمية؛ والمحققة للعدالة المجتمعية.
الفساد عدو التنمية الأول؛ فهو أشبه بالسرطان الذي يفتك بالدول؛ وينخر في منظومة الاقتصاد ويؤثر سلبًا في الاستقرار المالي والاستثمار والإنتاجية، ويولد حالة من انعدام الثقة؛ ويضعف من قدرة الحكومة على أداء وظائفها الرئيسة.
يمكن لمكافحة الفساد أن تسهم بشكل كبير في تحقيق كفاءة الإنفاق وجودة المخرجات التنموية؛ خاصة في مراحل «التحول الوطني» الذي لا يمكن تحقيق أهدافه إلا باتخاذ تدابير صارمة لمكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين وبما يعزز النزاهة.
لا يمكن لأهدف «رؤية المملكة 2030» أن تتحقق ما لم تتحرك الحكومة وبشكل واسع للقضاء على كافة مظاهر الفساد؛ خاصة ما ارتبط منها بالرشوة واستغلال المنصب وهدر المال العام والحد من التنافسية وعرقلة الإجراءات التنظيمية.
لقاء موفق وثري بالموضوعات المهمة والمعلومات الشفافة كان فيه سمو ولي ولي العهد حاضرًا ومتفاعلاً ومفندًا لبعض الأسئلة؛ ومسهبًا في إجاباته لإعطاء أكبر قدر من المعلومات حول كل ما يهم المواطنين خاصة الجوانب الاقتصادية التي استأثرت بالجزء الأكبر من اللقاء.