أبها - عبدالله الهاجري، محمد هليل الرويلي:
شهدت جلسات "مؤتمر الهوية والأدب2" التي نظمها نادي أبها الأدبي على مدى اليومين الماضيين في مدينة أبها العديد من أوراق العمل الثرية والمداخلات من الحضور بين مؤيد ومعارض لتلك الأوراق، حيث شهدت الجلسة الثانية التي رأسها مدير التحرير للشؤون الثقافية بصحيفة "الجزيرة" الزميل الدكتور إبراهيم بن عبدالرحمن التركي، حيث أشاد بدور النادي وأطلق عليه شيخ الأندية الأدبية السعودية، مؤكداً أن النادي قرأ الهوية كما يجب.
وقد تحدث أستاذ النقد الأدبي في قسم الدراسات العليا بجامعة أم القرى أ.د محمد مريسي الحارثي عن ورقته التي هي بعنوان أدبيات الهوية (جبل حالية)، قائلاً: إن الرواية حاولت أن تفصل الهوية وفق خطة هندسية محكمة الأبعاد، فالرواية زمنها خمسون سنة وبها خمسون مشهداً، وأن البداية بدأت بمخالفة التوقع، حيث بدأت الرواية من الهبوط لا الإقلاع، فيما أشار أستاذ قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الملك سعود د. حسين المناصرة في ورقته (الحكي داخل الحكي) أن الحكاية الإطارية وهي الرئيسة في العمل وقد تمثلت في العمل بـ"الموت، فيما وصف د. محمد نجيب العمامي في ورقته («الحزام» لأحمد أبو دهمان والهوية المتلبسة) قائلاً: إن الهوية في هذا العمل كانت ملتبسة كثيراً، ووجد في النص مقاطع تعكس شخصيته هو، والعمل ليس سيرة ذاتية وليس رواية واقعية وإنما مزيج من هذا وذاك.
أما أستاذ اللسانيات وتحليل الخطاب في جامعة الباحة د. صالح الغامدي، فقدم ورقة بعنوان: "الهوية المقترنة: قراءة سير ذاتية في رسائل محمد أحمد أنور"، في حين أشار وكيل جامعة جيزان د. حسن حجاب الحازمي في ورقته (السرد واستعادة الهوية) إلى أن الصراع القومي والوطني حضر في عدد من الأعمال الأدبية إلا أنه لم يكن سياسياً بل قيمي وطني، من جهته قال الباحث الأكاديمي د.قاسم آل قاسم: إن الرواية كفن سردي تتكئ على المتخيل؛ وإن كانت تقبس - في بعض الأحايين - من جذوة الواقع؛ إذ الواقع يعد المرجعية لأغلب الأعمال السردية؛ وهو يمثل المتصور الذهني للأديب المبدع.
وفي الجلسة الثالثة من جلسات المؤتمر التي أدارها أستاذ التعليم العالي بجامعة منوبة بتونس د. ظافر الكناني، بدأت بورقة للأكاديمي والباحث التونسي الدكتور محمد القاضي بعنوان: "الأنا الآخر في روايات محمد حسن علوان"، تلا ذلك ورقة للباحث والأكاديمي الدكتور مصطفى الضبع في ورقة بحثية بعنوان "الهوية المكانية في القصة السعودية القصيرة" استعرض فيها بإيجاز عدداً من نماذج القصة القصيرة في منطقة عسير لثلاثة أدباء وهم: إبراهيم شحبي، إبراهيم مضواح وظافر الجبيري، عقبها تحدث د. محمد أبو ملحة (تلبيس الهوية في رواية الإرهابي20) قائلاً: إن الكاتب لم يترك العمل للكاتب أو الناقد ويضع فيه رأيه بل قطع ذلك في مقدمته التي تحدث فيها عن شخصيته زاهي الجبالي، وصرَّح بذلك في مقدمته أن العمل متردد بين الأدبي وبين الرصدي.
ثم تناولت كوثر القاضي الأستاذ المشارك للأدب السعودي بكلية اللغة العربية قسم الأدب بجامعة أم القرى، في ورقتها (ثنائية الموت والحياة رواية جبل حالية لإبراهيم مضواح الألمعي)، ثم تحدث د. سحمي الهاجري في ورقته (سرد الهوية)، فيما وصف الكاتب د. علي الموسى في مداخلة له أن ورقة د. محمد أبو ملحة عن الإرهابي الـ20 مؤدلجة، قائلاً: إن ما قاله صاحب الرواية كان موجوداً في مجتمعنا، وإن هذا العمل صوّر حقيقة ما دار في زمن مضى، والإرهابي الـ20 هو علي الموسى رقم "صفر"، لأنني مررتُ كغيري بذات التجربة إلا أن أخي الأكبر وضع حداً لذلك قبل أن يتطور ذلك، مضيفاً: مشيراً إلى أن (الباب الطارف) و(الحزام) كانتا أيضاً مما عاشه بعض أهالي المنطقة بتفاصيلها وعانى منها الكثيرون وما زالوا يتجرعون مراراتها حتى الآن، في حين رد أبو ملحة بقوله: أنا لم أتحدث عن صاحب العمل عبدالله ثابت، وإنما تحدث عن شخصية زاهي الجبالي.
وفي الجلسة الرابعة التي قدمها الدكتور يحيى، شهدت ورقة قدمها د. عبد الحميد الحسامي بعنوان: "هوية المكان الريفي العسيري في المتخيل القصصي لظافر الجبيري" والتي كانت افتتاحاً للجلسة الخامسة التي أدارها د.صالح المحمود، ثم قدم د. علي الشبعان مقاربة بنيوية من خلال ورقته "أقصوصة البيت القديم لإبراهيم الألمعي"، تلا ذلك "بنية الفضاء وهويته في رواية الحزام لأحمد أبو دهمان" قدمتها أ. جميلة العبد الله العبيدي، فيما قدم د. إبراهيم أبو طالب ورقة "بناء الشخصية في القصة القصيرة النسائية بمنطقة عسير"، وورقة "مستويات اللغة السردية وتجليات الهوية" في روايتي "جبل حالية وعتق" التي قدمها أ.أحمد ملبس محمد عسيري، فيما تضمنت الجلسة السادسة - الأخيرة - من المؤتمر عبار ة عن تجارب قدمها عدد من المهتمين.
البيان الختامي
ثمن المشاركون في أعمال مؤتمر الهوية والأدب الثاني لصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير رعايته الكريمة لأعمال المؤتمر؛ ورفعوا إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده وولي ولي عهده، وللأسرة المالكة أحرّ التعازي وبالغ المواساة في وفاة صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالعزيز رئيس هيئة البيعة؛ سائلين الله تعالى للفقيد المغفرة والرحمة، وللأسرة المالكة الكريمة، وللشعب السعودي الوفي الصبر الجميل.
وفي ضوء ما قُدم من أوراق علمية، وشهادات وتجارب إبداعية؛ فقد أوصى المشاركون في المؤتمر بعدد من التوصيات:
رفع برقية عزاء باسمهم إلى مقام خادم الحرمين الشريفين في وفاة أخيه صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبد العزيز - رئيس هيئة البيعة - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته. وأن ثوابت الهوية الوطنية، القائمة على (الدين الإسلامي، واللغة العربية، والثوابت الوطنية) هي الثوابت التي يجب الحفاظ عليها والالتفاف حولها وصونها من أي اختراقات. والانطلاق من هذه الهوية الجامعة لبناء مستقبل واعد بالتنمية والاستقرار، والتآخي بين مكونات المجتمع وشرائحه المختلفة. وتشجيع الأعمال الإبداعية والدراسات النقدية، التي تنطلق من ثوابت الهوية لترسيخ ثقافة التسامح والانفتاح على الرؤى والأفكار؛ بما يعزز اللحمة الوطنية والمشاركة في مواجهة تحديات العصر. وأن الانطلاق من ثوابت الهوية لا يقيد المبدع، ولا يحول دون حرية الأديب بل يفتح أمامه آفاق الإبداع والتميز. وتأكيد أهمية عقد هذا المؤتمر، الذي يحرر العلاقة بين الهوية والأدب بصفة دورية كل عامين. والدعوة إلى إنشاء جائزة وطنية تقدر الأعمال الإبداعية، التي تستلهم مقومات الهوية الوطنية، وتجسدها في صورة جمالية.