فهد بن جليد
بذكاء شديد خاطب الزميل داود الشريان، عرابَ المُستقبل السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد بـ(أبو سلمان) أكثر من مرة، وهو ما أضفى على اللقاء صبغة خاصة، تؤكد قرب الأمير الشاب من كافة شرائح المجتمع السعودي والعربي، شعر بها حتماً جميع من تسمَّروا أمام شاشات الفضائيات السعودية والعربية لانتظار الفراغ من صلاة العشاء في مكة المكرمة، كدرسٍ أول مُستفاد قبل بدء الحديث (المُرتقب), وكدلالة على أن شخصية المُتحدث استثنائية وغيرعادية .
الصورة التي ظهر بها الأمير محمد بن سلمان في اللقاء كانت غاية في الإبهار والثقة العالية، وتلك الإجابات الصريحة والشفافة المليئة والمُدعمة بالأرقام بين الواقع والرؤية، تشبه إلى حد كبير (ريشة) فنان بارع يخط ألوان لوحته ليبرز تفاصيلها بكل ثقة وتجرّد أمام المُشاهد السعودي، الذي ظهر بعد اللقاء أكثر قناعة بضرورة التغيير، وقبولاً بالتحدي للمضي قدماً نحو الإصلاح وتقليل الاعتماد على النفط، وهو يستمع لإجابات صريحة وشفافة، مليئة بالثقة والأمل والطموح كأكثر الأدوات تأثيراً وشعبية .
نحن كإعلاميين ومُمارسين لفنون الحوار التلفزيوني نستطيع بكل سهولة التفريق بين (الحشو) في الإجابات المُنمَّقة والمُلقنة بالعبارات الجاذبة الاستهلاكية لملئ الوقت والفراغ، وتسجيل الحضور للضيف فقط من أجل تلمِّيعه، وبين تلك الإجابات الراقية والعلمية والمُدهشة والصادقة التي ظهر بها الأمير محمد في حواره عندما اختار لغة الأرقام الجريئة والمُقنعة، وأبرز حقائق و معلومات غير مُتكررة في إجاباته، و تحدث بصراحة مُتناهية، وبتلقائية جاذبة، عكست للمُتابع حجم الثقافة والإداراك، وعمق الفهم الذي يتمتع به الأمير تجاه الموضوعات المطروحة المُتشعبة والمُعقدة في الشأن الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وكانت مُطمئنة بمستوى واحد من الشفافية والمعلوماتية الرهيبة، مليئة بالثقة والاتزان والطموح و التحدي، وهي حالة نادرة لدى المُتحدثين السياسيين العرب.
من حرب اليمن وتعقيداتها، مروراً بالعلاقة مع إيران، وتحديات المُستقبل الاقتصادي ومُحفزاته، والشأن السعودي الداخلي وأحلام التحول وتحقيق الرؤية وخطط التنوع ومُحاربة الفساد، حديث شامل بعث الطمأنينة وزاد الثقة للداخل السعودي، وتناقلته كبريات وسائل الإعلام العالمية باهتمام وإعجاب كبير، تلك هي القصة باختصار عندما تحدث الرجل الثالث في الدولة لشعبه، وعلى قناتهم الرسمية، وحاوره مذيع شجاع نجح في طرح ما يريده الناس بكل أمانة.
وعلى دروب الخير نلتقي.