د.علي القرني
دور العلاقات العامة يعد دورا مهما ومحوريا في الحياة العامة في كل المجتمعات والدول، وأصبحت العلاقات العامة بمفهومها العلمي والمهني مكونا من مكونات العمل الإعلامي الإستراتيجي لكل دائرة أو منشأة أو منظمة أوحتى للدول. وأصبح السياسيون في العالم يعتمدون على شركات علاقات عامة أو مستشارين إعلاميين يرسمون لهم طريق المستقبل السياسي وإدارة الشأن العام في مجال التخصص الإداري أو السياسي أوالحزبي لتلك الشخصيات السياسية.
العلاقات العامة ليست بالمفهوم الذي يتداوله البعض في أروقة إدارات حكومية أو بعض مؤسسات القطاع الخاص، في كونها استقبال ضيوف وتوديعهم، وحجز غرف فندقية، وتنظيم حركة سيارات الضيوف وغيرهم، وتوزيع صحف أو هدايا، وإعداد ملفات صحافية وتقارير إعلامية، ومرافقة الشخصيات التنفيذية في تلك الإدارات. نعم ليس المقصود بهذه الممارسات أن تكون وظائف علاقات عامة، بل هناك ممارسات ومفاهيم ووظائف للعلاقات العامة تغيب عن المفاهيم التقليدية لها في كثير من مؤسساتنا التنفيذية في بلادنا.
هناك أدواركبيرة تغيب عن وظائف العلاقات العامة اليوم، ولا بد من الرجوع إلى الأساسيات من أجل إعادة النظر في مفاهيم العلاقات العامة، ولهذا عندما نستعيد التذكير بهذه المفاهيم، فإننا نقصد من ذلك البحث في العمل الحقيقي الذي تقوم به العلاقات العامة في الحياة العامة أو الشأن العام في كثير من الدول. وإذا كنا نعرف خلفيات كثير من الأحداث في العالم وخاصة في الدول المتقدمة أوتلك الأحداث على مستوى العالم، فإننا سندرك أن العلاقات العامة هي التي تحدد كثيرا من ملامح الحدث الوطني والدولي.
وتتدخل العلاقات العامة من خلال الخبراء أو الإداريين التنفيذيين في التأثير على الحدث الوطني والدولي، وكأن العالم يعيش صراعا على تلك الأحداث عبر منافذ التأثير التي تتركها العلاقات العامة. وللعلاقات العامة دور وقائي على بعض تلك الأحداث، ودور تدخلي على أحداث طرأت ويجب معالجتها إعلامياً. ويمكن للعلاقات العامة - وهذا مصدر قوة لها - أن توظف كافة وسائل الإعلام ومنافذ التواصل الاجتماعي من أجل خدمة حدث وتوجيهه إلى مسارات معينة تخدم الشخص أو الجهة أو المؤسسة أو الدولة التي تتبعها العلاقات العامة.
وكثير من دول العالم النامي لا تعطي مساحة لدور مهم للعلاقات العامة في شئونها المحلية والدولية، فتعتمد كثيرا على اجتهادات معينة من أصحاب المسئولية التنفيذية في تلك الأجهزة، ولكن المهم في الموضوع حتى لو امتلكت تلك الإدارات أو الأجهزة كافة أنواع التأثير على القرار الإعلامي، فإنها لا تستطيع توجيه الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي إلى المسار الذي تتمناه دون أن تكون هناك خطط وبرامج واضحة لتوظيف وسائل الإعلام إلى التوجه والغايات التي يتمناها مسئولو تلك الدول عبر خطط وبرامج علاقات عامة.
إن العلاقات العامة هي ذراع مهم لكل مسئول أو جهاز إداري أو قطاع من القطاعات، ويجب أن تكون في قمة اهتمام المسئولين، وليس عيبا أبدا - كما قد يرى البعض - أن يكون حولك خبراء ومسئولو إعلام وعلاقات عامة يمهدون للقرارات التي تتخذها تلك الجهات ويواجهون الأزمات التي قد تخلقها بعض القرارات، أو يتصدون لتوجهات عدائية لمؤسسات أو دول تعمل على تقويض الأمن أو الاستقرار أو التشويش على الحياة العامة في الدول.
إن العلاقات العامة ستظل في الدول المتقدمة أداة من أدوات الوصول إلى الرأي العام، ومنفذا من منافذ السلطة على الجمهور، ومسارا لتوجيه الأحداث وتسييرها إلى النهايات المطلوبة. وينبغي أن نحذو نحو هذه الدول في توظيف العلاقات العامة في خدمة قضايانا وموضوعاتنا الوطنية ومصالحنا الخارجية.