د.دلال بنت مخلد الحربي
تعد المذكرات من المصادر الأساسية لكتابة التاريخ، خاصة للشخصيات التي كان لها دور أو تأثير في مجريات الأحداث في فترة حياتها وفِي المنطقة التي وجدوا فيها.
وعلى مستوى العالم نجد أن أغلب الزعماء والرؤساء والمسؤولين يهتمون بكتابة مذكراتهم وتحظى هذه المذكرات باهتمام كثير لأن كتابة المذكرات عند البعض من السياسيين المعاصرين هي وسيلة للحصول على دخل مادي كبير.
وفي العالم العربي نشرت عشرات مئات المذكرات التي تحدث فيها أصحابها عن حياتهم سواء بالمجال السياسي أو الثقافي أو التعليمي أو حتى الشخصي.
ومن أحدث هذه المذكرات ما نشرته الدارة وهي مذكرات فؤاد حمزة (مذكرات ووثائق) في مجلدين يغطي الفترة من 1342 هـ/ 1924م إلى 1372هـ/ 1951م مع ملحق احتوى على صور الوثائق والمراسلات التي تخص فؤاد حمزة الذي كان من أهم العاملين مع الملك عبدالعزيز في فترة التأسيس وكان له دور بارز في وزارة الخارجية تحديداً.
وفؤاد حمزة من لبنان بدأ عمله مع الملك عبدالعزيز مترجمًا ثم عين وكيلاً للشؤون الخارجية ثم وزيراً مفوضا في باريس ثم أنقرة، وختم نشاطه بوزير دولة ومسؤول عن المشاريع العمرانية وشركات الاستثمار وهو بجانب ذلك له إسهام في التأليف وله عدة كتب عن تاريخ وجغرافية المملكة...
وعمل فؤاد حمزة مع الملك عبدالعزيز دليل عل حسن سياسة الملك عبدالعزيز وتفتح ذهنه الذي لم يتردد بالاستعانة بذوي الفائدة من رجالات العرب أياً كانت اتجاهاتهم أو مذاهبهم طالما تتوافر فيهم مزايا مثل التعليم والثقافة والإخلاص في العمل والصبر وسعة الأفق والاطلاع والعلاقات والتجارب.
وكان صاحب المذكرات من تلك النوعية التي اجتذبت أنظار الملك عبدالعزيز ولذا قبل به مشاركاً في الرأي والعمل والمشورة في مرحلة التأسيس وبعدها.
ولا شك أن كم المعلومات التي احتوت عليها المذكرات غزيرة ومفيدة، ففي المذكرات جوانب توضح أحداث ومواقف لا نجدها في مصادر أخرى.
وهنا أدلل بمثال واحد وهو موقف الحكومة الإيرانية من عدم السماح لمواطنيها بالحج في فترة الأزمة الاقتصادية في الثلاثينيات من القرن الماضي. إذ إن المنع لم توضح أسبابه في المصادر الأخرى لكن مذكرات فؤاد حمزة تعطي تفسيرًا من الحكومة الإيرانية نفسها حول أسباب المنع..
وقد لاحظت أن هذه المذكرات وهي متسلسلة بالأعوام لا توجد فيها ذكر لسنوات بعينها إذ لا ترد في المذكرات ولا يرد عنها أي شيء في المذكرات.
ولا أعرف هل هي من صاحب المذكرات بمعنى أنه لم يكتب أو أن هناك ما منعه من كتابة أحداث هذه السنوات؟ أو إن هذه المذكرات وصلت الدارة وهي تنقصها هذه السنوات؟ وأوضح أن الناشر أوضح أن هناك: (صفحات خاصة ببعض الأيام في بعض السنوات فارغة ولم يدون فيها شيء) لكنني أشير إلى سنوات وليس أيام والتوضيح لدى الدارة نفسها.
وهناك ملاحظة تستدعي المراجعة من جهة الناشر وهي ما ورد في ص560 (مج الثاني) بخصوص رسالة من عبدالله السليمان إلى فؤاد حمزة بشأن رغبة شركة أرامكو إعداد فيلم توعوي عن المياه في المملكة وكتب أن ذلك في 1349هـ/ 1930م والمعروف أنه في هذا العام لم يعلن عن مسمى المملكة ولم يكن هناك مسمى وزارة للمالية، كما أن شركة أرامكو وجدت بعد هذا التاريخ بسنوات.. وفي ظني إن التاريخ الذي كتب في أعلى الرسالة وهو 49 هو بالميلادي وليس الهجري وهو الأقرب للصحة.
وفي كل الأحوال إن نشر هذه المذكرات يعد أمرا مهماً يسهم في تطوير كتابة التاريخ المحلي.