د. عبدالواحد الحميد
ما زلت أحاول أن أستوعب لماذا صوَّت مجلس الشورى ضد التوصية التي قدّمها بعض أعضاء المجلس بأن تقوم وزارة التعليم بـ»التنسيق مع الهيئة العامة للرياضة لافتتاح كليات تربية بدنية للطالبات لتخريج كوادر وطنية رياضية متخصصة»! فالذين صوَّتوا ضد هذه التوصية يعلمون أن رياضة الطالبات قادمة لا محالة، ربما في يوم غير بعيد، وهي مثل أشياء أخرى تَكَرَّرَ رفضُها سابقاً من قبل البعض بألف حجة وحجة، ومنها تعليم البنات بالكامل، ثم أصبحت واقعاً مألوفاً يقبل به ويؤيِّده الجميع بمن في ذلك الرافضون سابقاً!
الأصل أن هذا المجلس الذي يضم نخبة من رجال ونساء المجتمع يدرك أن الدولة أعلنت ضمن رؤيتها الإستراتيجية مدى أهمية الرياضة لجميع أفراد المجتمع وليس للذكور فقط وإنها قد عيَّنت امرأة سعودية في وظيفة نائب رئيس الهيئة العامة للرياضة وان هناك توجهاً واضحاً لإفساح المجال لبعض أنواع الرياضة النسائية المفيدة والمقبولة.
وما دام الأمر على هذا النحو، فلماذا ننتظر سنوات أخرى لإعداد كوادر نسائية في مجال الرياضة ونستقدم بدلاً من ذلك معلمات ومدربات أجنبيات كي يعملن في مدارس البنات وفي النوادي النسائية الرياضية التي سوف تُقام في جميع مناطق المملكة؟
لن أتحدث عن فوائد الرياضة للذكور وللإناث على حد سواء، ففوائدها معروفة للجميع، لكنني أتحدث عن أمر آخر وهو أن رياضة المرأة قادمة بكل تأكيد وسوف نحتاج إلى معلمات ومدربات فلماذا يريد بعض أعضاء مجلس الشورى حرمان المرأة السعودية من الحصول على هذه الوظائف وتقديمها بدلاً من ذلك لمعلمات ومدربات وافدات في الوقت الذي تعاني فيه المرأة السعودية من ارتفاع نسبة البطالة، وفي الوقت الذي نرى فيه أن المدربات في مراكز اللياقة النسائية هن من الأجنبيات المُستقدمات إلى المملكة؟!
لحسن الحظ أن قرار افتتاح كليات تربية بدنية للبنات لا يتطلب موافقة مجلس الشورى، فالجهات التنفيذية تستطيع بقرارٍ منها أن تفتتح مثل هذه الكليات في الوقت الذي تراه مناسباً، لكنني تمنيت ألاَّ يسجّل مجلس الشورى على نفسه مثل هذا الموقف الذي أرى أنه يتعارض مع المصلحة العامة ومع برامج الرؤية التي تبنتها الدولة رسمياً، فضلاً عن أنه يتعارض مع النظرة المستقبلية لمجتمع يتمتع جميع أفراده بالصحة واللياقة البدنية والنفسية ويُرَوِّحون عن أنفسهم بالمناسب من أشكال الرياضة.