عبدالله الهاجري
نشط الملحن طلال في الفترة الأخيرة بشكل كبير، فعاد أكثر نشاطاً، وبدأ يوزع أعماله على العديد من الفنانين العرب، لم تكن بعدد قليل من ألحان فقط، بل بألبومات كاملة حملت ألحانه، كما فعل مع فنان العرب محمد عبده مؤخراً في «رماد المصابيح»، وليس طلال بغريب عن الساحة - فهو فيها (متألق) منذ 35 عاماً مضت.
المطّلعون على الساحة الغنائية السعودية يعلمون مثل هذه الحقائق، ويعلمون نشاطات الملحن طلال منذ أكثر من ثلاثة عقود، وبأن له دوراً مهماً وحيوياً في تطور الأغنية السعودية، وأنه واحد من أهم اللاعبين الحقيقيين في هذا التطور، ولم يقتصر طلال بالتعاون في الفترة الحالية مع نجوم الأغنية السعودية الكبار، بل أخذ بيد شبابها وظل يدعمهم، وتعدى الأمر إلى تعاونات بالجملة مع عدد من نجوم الصف الأول في الأغنية الخليجية والعربية.
لست هنا في تعداد نجاحات الملحن طلال أو استذكارها، فالجميع يدركها، ولن أجامل إطلاقاً، فـ (طلال) في حقيقة الأمر اهتم بالكيف، وأنا كمتابع يهمني ذلك لأسباب عدة من أهمها بأن الساحة الغنائية السعودية تفتقد لوجود ملحنين، خسرنا العديد منهم في الفترة الماضية، إما بسبب الوفاة - رحمهم الله - أو التوقف أو التكرار، وباتت الساحة حالياً تتسع لوجود أنصاف الملحنين، فرحنا بعودة طلال، كواحد من المعنيين بالأغنية السعودية وتطورها منذ ثلاثة عقود.
لم تكن ساحتنا الغنائية في سنواتها الخمس الماضية، باعثة على الفرح، ولم تكن تبهر المتابع، لجملة من الأسباب من أهمها تواضع كلمات الأغنية، طغيان التوزيع الموسيقي على اللحن والصوت، وحرص الفنانين على تجميع المال أكثر من إرضاء الجماهير، وظهور جمل لحنية أشبه - بالطقطوقة - المكررة في العديد من الأعمال، كما أن حال الجمهور والمتلقي، لم يعد متحفزاً لسماع المزيد من الأعمال الطربية، بسبب بحثهم عن الأغنية السريعة والمعلبة.
أقول إنني فرحت لعودة (طلال) علّه يعيد ترتيب وضع وحال الأغنية السعودية، وكونه يعلم مواطن قوتها وضعفها، وحقيقة الأمر أن ما يهمني هو أن يقدم عملاً لحنياً يساوي عشرة أعمال، وما زالت الآمال معلقة على الملحن (طلال)، بأن يعيد صياغة الأغنية السعودية، وأن يمد لها يد العون من جديد، وأن ينقذها من الغرق، فـ (طلال) يملك الخبرة والإمكانات التي تؤهله ليكون المنقذ، ويرسم خارطة الطريق، وأن يعيد الأغنية السعودية لجادة الطريق، وذلك بعد أن انحرفت كثيراً عن مسارها، للعديد من الظروف.
لن أضع كامل الأحلام على الملحن طلال، ولن أجعله مطلبنا الوحيد، لكن بمقدورنا أن نعلق (جُل) أحلامنا عليه، لأن هناك ظروفاً ليست في يده، ولكن باستطاعته أن يختار أجمل القصائد الغنائية، وبإمكانه أن يُفصّل اللحن المناسب للصوت المناسب، والشيء الأكيد وبيده وبإحساسه هو أن يخرج لنا أجمل الألحان مثلما اعتدنا منه.
طلال، نريدك أن تعيدنا لأغاني الثمانينيات والتسعينيات، فكر في تلك المرحلة في جودتها، وفي الأعمال التي يصعب علينا اختيار أجملها، معظمها جميل، لم تتعرض إطلاقاً لمنغصات زمننا الحالي، أبعد أغانينا عن العبث الموسيقي، والذي أفقد أغاني هذا الزمن أصالتها، فقد باتت الأغنية عبارة عن إزعاج، وما كان منها أكثر إزعاجاً - موسيقياً - فهي الأكثر نجاحاً، كما نأمل منك أن تبحث أو تتعاون عن شعراء جدد، شعراء أغانينا في هذا الوقت، يكتبون - تفاهات - ويكتبون أحياناً كلمات وجملاً لا تُفهم ولا تُقرأ، صدقني، بإمكانك أن تفعل ذلك، قليل من الصبر وكثير من التحفز، وسيعود زمننا الأروع.
أختم كلامي بأنك واحد من القلة القليلة بيننا اليوم والذي بإمكانك إعادة نجاح الأغنية السعودية، تملك الخبرة، وتعلم عناصر النجاح، والأهم عاصرت وكنت سبباً في نجاحات العديد من الفنانين والملحنين والأعمال التي ما زالت قائمة ولم تتأثر من تعاقب السنين عليها.. حقق أمانينا.