رمضان جريدي العنزي
الوحدة الوطنية تعني وطناً واحداً موحّداً، من شماله لجنوبه ومن شرقه لغربه، والأمة السعودية بكل أطيافها وثقافتها وعاداتها وتقاليدها وسائر روابطها الاجتماعية هي الجماعة التي تسكن هذا الوطن، تبنيه ترتقي به تحافظ عليه وتدافع عنه وتحميه، بلا عصبيات ولا تشنجات ولا دسائس ولا غموض ولا أحزاب ولا قوميات ولا شعارات، وفق وحدة تكتلية اندماجية عالية السقف والصوت، وهي صفات وميزات وخصائص وإرادات وإرث انتماء وإخلاص متوارث دائم ومستمر تتوارثه الأجيال، غير قابل للتغيّر والتبدّل، الأيدي متماسكة، والدماء مشتركة، والمصير واحد، وحدة ذات اتحاد سليم ونقي، ترمي إلى العض بالنواجذ لتوطيد الوحدة الوطنية الواحدة، الفكر واحد، والخط واحد، والهدف واحد، والقلب واحد، والهوى واحد، والغاية والمبتغى واحد، لقد حاول الأعداء الكثيرون وفق أطيافهم المختلفة النيل من هذه الوحدة النادرة، ومارسوا كثيراً من الخطط والأفكار والآراء والتشكيك والمكاره والدسائس، واستعانوا بالشيطان وأعوانه، وإبليس وإخوانه، لكسر حدة الرابطة، وهدم جدار الوحدة، لكن الرابطة قوية، والجدار صلب، واليقين عال، والهمم خارقة، أن المجتمع السعودي الواحد هدم أحلام المألبين المخربين، وبعثر أحلامهم، وأوقف مد عواصفهم المثيرة للغبار والأتربة، ووقف نداً قوياً أمام الذين يريدون من الهوية الوطنية أن تكون هوية مجردة من محتواها، وحسها الوطني وفق أمزجة وغايات وأهداف المغرضين النفعيين البغيضة والشريرة، أن الهوية الوطنية هي التجسيد الحقيقي في القول والفعل والقدرة والمصير، وهي مداد فائض من التضحية والفداء في جميع الأزمنة والأوقات والساعة واللحظة والتاريخ والمكان، بعيداً عن التلاعب بالجمل والألفاظ والمفردات والتحايل على القانون والتنظيم والتشريع، أن الوطنية الحقيقة ليست بالشعارات وتزيين الكلام والعبارات والمعسول من النص والخطاب وترتيب الجمل، بعيداً عن الأقدام والثبات والفعل، بل هي هدف أسمى وأرقى وأكبر وأبعد من ذلك، أن الوحدة الوطنية هي العمل المميز، والنضال المشترك ضد كل عدو ومنافق وأجير وعميل وبوق وصاحب رياء ونزعات عدائية إبليسية، وضد كل القوارض الخفية التي تحاول القرض البطيء والخفي في أس هذه الوحدة المغايرة، والاتحاد المميز العظيم، لتحقيق الغايات البغيضة، والأهداف الشريرة، ونفث سموم الحقد والحسد التي ترسبت في الأجساد الواهنة، والعقول التدميرية، التي تحاول الهدمالتعطيل ونشر ثقافة الفتنة وتحريك المياه الراكدة، أن التنوّع السكاني والثقافي لا يهدد الوحدة والاتحاد، لكن التنوّع المصلحي والأنانية المفرطة والهدف البغيض للأعداء المكشوفين والمختفين هو الذي يمكن أن يهدد هذه الوحدة، لكن المجتمع السعودي الوحدوي يملك الثقافة والوعي والحس والإدراك، ويملك القدرة الكافية على اكتشاف المخططات الخبيثة والأعمال المشبوهة التي تحيق بوحدته وبوطنه، وهو قارئ وفاحص يجيد قراءة وفحص ما يحاك له ولوطنه من مخططات غاية في السوء والخسة، لهز استقراره وتنميته وأمنه، لقد حاول الأعداء القيام بصناعة النزعات والتشكيك والفتن وفق طرق كثيرة متشعبة ومتنوِّعة، إلا أن وعي المجتمع السعودي الكبير تصدى لها بوحدته الفريدة وأفشلها وقتلها في المهد، إن الوحدة الوطنية ساهمت كثيراً وتساهم في النهوض والارتقاء، وتتصدى لكل مجرم ومخرب ومعيق. إن وحدتنا الوطنية هي من مكتسبات هذا الوطن وهي جزء من تفوقه على الكثير من المجتمعات الأخرى فنجد أن اللحمة التي نسجها موحّد المملكة الملك عبدالعزيز - رحمه الله - لهذا الوطن ساهمت في وصول وطننا إلى مصاف دول العالم المتطورة فبلغت إنجازات وطننا في أغلب المجالات إلى مجاراة دول العالم، أن المحافظة على على هذه اللحمة مقوم مهم من مقومات وحدتنا الوطنية، ولنا في قراءة التاريخ للجزيرة العربية وبالتحديد قبل قيام الملك عبدالعزيز - رحمه الله - بتوحيد المملكة، عبرة ومثال وعظة، أن من يتأمل أوضاع هذه المناطق وهذه الأقاليم قبل توحيدها يجد أن الاقتتال والعبث والفوضى وقطع الطرق كانت صفة دائمة لها، وكان الناس يخافون على أنفسهم في السفر إلى مسافات بعيدة وكانت شريعة الغاب هي السائدة في هذه المناطق لأنه لا يوجد حاكم لها، بل كان هناك خلافات دائمة ومتعدّدة واحتراب واقتتال بين القبائل والأفراد، لكن حالات الاحتراب والخوف انتهت وتوقفت بعد توحيد الملك عبدالعزيز لقلوب الناس قبل توحيد الأمكنة، وأمن الناس على أنفسهم وممتلكاتهم، وأخذوا يقطعون شتات الأرض وأوديتها وجبالها وصحاريها وفيافيها من شمال المملكة إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها بأمن تام، وسلام أخاذ، وهدوء عجيب، وهذه نعمة كبيرة تستحق منا المحافظة عليها بكل قوة، بعيداً عن ترهات الأعداء، وأبواق المألبين، وتنظيرات المنافقين، وخبث الفأرة والعقرب، وشؤم الغراب، وأفعال الثعالب الماكرة المخفية والبائنة، حفظ الله وطننا من كل مكروهوسوء وأدام علينا وحدتنا الوطنية الفريدة، وخذل كل من أراد لهذا البلد الكبير وأرضه وقيادته وناسه بسوء وحمل له ضغينة أن يصيبه بسوء خاتمة ومقتل، إنه سميع مجيب.