عبدالوهاب الفايز
في ظل وجود معالي وزير الإعلام د. عوّاد العواد، وبحكم اهتمامه وتجربته مع الاستثمار، نجدها فرصة لأن نتفاءل كثيرًا بنقلة نوعية للإعلام السعودي يستدرك حالة التعثر وضياع الأولويات، وكنا نتطلع منذ سنوات لوجود القيادة التي تأخذ زمام الأمور لكي تطلق (برنامجاً وطنياً للإعلام السعودي) ينقله إلى حقبة المهنية والاحترافية وتحويله إلى (صناعة) تفتح مجال الفرص الوظيفية والاستثمارية للشباب السعودي، وتحول الإعلام إلى رافد رئيسي لقطاع الخدمات في الاقتصاد السعودي.
حتى نعزز مكانة الإعلام في الاقتصاد الوطني ثمة مشاريع نوعية ذات توجهات استثمارية نتمنى أن يعمل عليها وزير الإعلام، فوجوده الآن في سدة المسؤولية فرصة لإحياء المشاريع الاستثمارية للإعلام السعودي خصوصًا أنه متخصص في تنمية الاستثمارات، والإعلام السعودي، مع تحديات المرحلة الحالية، يحتاج القيادة والإدارة التي تعمل على تحويله إلى صناعة متكاملة الأبعاد، ومتكامل في سلسلة القيمة.
إعلامنا يحتاج إنشاء شركات متخصصة في عدة مجالات، يحتاج شركة للإنتاج التلفزيوني والدرامي، وشركه للإعلان والعلاقات العامة، وشركة للخدمات الإخبارية والصحفية، تبدأ بتحويل (أم القرى) إلى جريدة يومية للأخبار والموضوعات الرسمية.. ورقية وإلكترونية، وقد تكون (مؤسسة غير ربحية)، وأيضًا إنشاء شركة للخدمات الإذاعية والتلفزيونية تتولى تشغيل مرافق التلفزيون الكثيرة المعطلة استثماريًا، مع تطوير الإذاعة السعودية.
هذه المنظومة تحتاج دعمها بمصدر لتنمية الموارد البشرية بصورة مستدامة، وهذا الهدف يحققه إنشاء شركة للتعليم والتدريب الإعلامي، يتأسس تحتها معهد للإعلام ومركز أبحاث ودراسات واستطلاع للرأي العام. هذه الشركات ستكون ذراعاً إعلامياً حكومياً وتخدم الأهداف الوطنية، على المدى البعيد، وهي النقلة النوعية التي يحتاجها الإعلام السعودي وتطورها سوف يخدم ويمكن قطاع الثقافة أيضا، إذ توفر المجال لتقديم المنتج الفني والثقافي، ودور الحكومات في الثقافة والفنون التسهيل والتمكين وليس التشغيل.
هذه الآليات ضرورية لإحداث نقلة نوعية للإعلام السعودي تأخذه للمستقبل وليكون في حجم التحديات التي تواجهنا، وليستفيد من الفرص التي يتيحها توجه الحكومة لتوسيع فرص الاستثمار والتوظيف، وقطاع الإعلام السعودي ما زال ضعيفا في توليد الفرص الاستثمارية، بالذات للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وفقيرًا في توليد الوظائف.
وضعف فرص الاستثمار والتوظيف هو نتيجة لهيمنة الأطر التقليدية وغير المحترفة لإدارة القطاع، في شقيه الحكومي والخاص، كما إن وزارة الإعلام في العقود الماضية ظلت غير جادة في تطوير البيئة التنظيمية الممكنة لنمو الوظائف والفرص الاستثمارية، بالذات في جانب الإعلان والعلاقات العامة. الفرصة الآن ما زالت مواتية لتدارك سلبيات الأوضاع السابقة، وهذا ما نرجوه من الدكتور العواد.
بالنسبة للأوضاع في المؤسسات الصحفية، الذي تستطيع وزارة الإعلام تقديمه لدعمها هو الدفع بتغيير طبيعة الملكية في المؤسسات الصحفية، فالوضع القائم عاد بالصحافة إلى عهد صحافة الأفراد الذي خرجت منه قبل خمسين عاما، فالجمعيات العمومية في أغلب المؤسسات فقدت تأثيرها بعد انحسار القرار في يد أفراد محدودين مما يؤدي إلى توسع الخلافات بين الأعضاء، وهذا يضاف إلى المهددات العديدة للمؤسسات الصحفية. الأفضل للصحافة وللإعلام السعودي وللأمن الوطني تحويل المؤسسات إلى شركات، فالمؤسسات الصحفية وصلت مرحلة لن تخرج منها إلاّ بدخول رؤوس أموال جديدة، مع فكر مبدع وآليات عمل جديدة، فالصحافة قتلت نفسها عندما اتجهت إلى المنافسة مع وسائط التواصل الاجتماعي.. بدل أن تكون قائدة المنافسة والتأثير وتنهمك في استثمار الاسم والمصداقية.