د.ثريا العريض
حدثان عايشتهما شخصياً في الأيام القليلة الماضية وضحا لي مفارقات ارتباك أوضاعنا الراهنة, والازدواجية التي تسبب التباساً وصداعاً وخلافاً في تحديد حلول رسمية لتحديات المرحلة:
في الأسبوع الماضي سعدت بالالتقاء بمجموعة مميزة من الشابات في دورة ببرنامج "قيادات مسك" والحوار معهن؛ شاركتهن بعض خبرتي في مجال القيادة والريادة العفوية والمدروسة. وهي فرصة لأشكر القيادة العليا ومؤسسة "مسك" ودعمها للشباب والشابات دون تمييز جندري في كل مبادراتها الريادية.
وفي الأسبوع الماضي أيضاً فوجئت كغيري من المتابعين بسقوط توصية في مجلس الشورى قدمت مقترحاً يتضمن المطالبة بتأسيس كليات لتأهيل وتخريج معلمات الرياضة البدنية. أسقط بفارق 3 أصوات ضده, بينما التوجه الرسمي الأعلى الواضح على أرض الواقع هو مباركة تغيير أوضاع المرأة وتفعيلها وتمكينها بقرارات وريادة رسمية.
من تجربتي الذاتية كعضوة في المجلس في الدورة السادسة الأسبق التي أسست لمشاركة المرأة في الشورى بحضور كامل وعضوية كاملة وليس مشاركة عبر دائرة مغلقة أو فقط كتابياً. كان قرار القيادة وما زال واضحاً في ما يتعلق بدور المرأة وقدراتها و تمكينها من القيام بمسؤولياتها في مرحلة مفصلية من مسيرة الوطن اقتصادياً.
لاحظت وقتها تكرر التشبث المتشدد بمنطلق "مكانك تحمدي!" من قبل تيار متغلغل ومنظم ونشط من بعض الزملاء في المجلس من الجنسين ؛ يرون الأفضل المرأة هو أن تبقى حضوراً تبعياً متلقياً منحصراً في دور الودود الولود, قاصرة عن دور الرشد بأي سن, وعن المشاركة في تحمل المسؤولية عن القرار حتى ما يتعلق بها مباشرة كالتعليم والابتعاث والتوظف لتبقى مكنونة مصونة في بيتها بعيداً عن المجتمع العام. وهو موقف غريب يتناقض مع مسؤولية تقديم الشورى للقيادة بناء على مصلحة المجتمع ككل وليس بناء على رأي فئة منه.
رأيته شخصياً موقفاً يتناقض مع اتضاح الرؤية حول مستجدات الأوضاع, ويتناقض أيضاً مع موقف القيادة الرائدة بتسريع تمكين المرأة والشباب. وهل هناك ما هو أكثر دلالة على الموقف الرسمي من تعيين سمو الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان في موقع قيادي عال برعاية الشباب والرياضة؟.
هذا التيار المتشدد المثقل بتحيزه لمرئيات تخدم رغبات فئة خاصة لا يرى أنه يبطئ سير قاطرة الوطن وهي تحمل الجميع رجالاً ونساءً! ويعرقل مسار وجهود القيادة, ونحن نمر قيادةً وشعباً بمرحلة مصيرية تتطلب المشورة المرتبطة بالمستقبل المثمر وتفعيل طاقة كل المؤهلين رجالاً ونساء.. جسدياً ووظيفياً بتخطيط متوازن ولاؤه للوطن.
نتائج قرارات وتوجهات القيادة نراها على أرض الواقع, ونعايشها يومياً, مع اختلاف ردود فعلنا فئوياً: القرارات الملكية الأخيرة أسعدت الغالبية وأنا ضمنهم, لعدة أسباب منها المعرفة التخصصية بالتخطيط الإستراتيجي القائم على متطلبات التنمية الشاملة وبوجهة مستدامة مستقبلياً.
رؤية القيادة واضحة حكيمة ويهمها رضى المعتدلين.. ولابد من مواجهة اختلاف المصالح الفئوية بقرارات مصيرية حازمة حاسمة تبني شعور المواطنين بالأمن المعيشي والانتماء والرضى, وتقود المسار في الوجهة الصحيحة. إن مشاركة المرأة في إعادة التوازن اقتصادياً ووجدانياً واجتماعياً وسلوكياً خطوة لابد منها حتى لو لقت مبدئياً معارضة من فئات أقلية لمبررات مختلفة. سيسعدنا أن تتدرب بناتنا على الرياضة البدنية الصحيحة فهي ضمان لصحتهن, وأن توجد مجالات لتدريب وتوظيف مواطنات مؤهلات لتعليمهن الرياضة البدنية.
أقول لسموه: وفق الله خطاكم وقواكم للمزيد من الرؤية الإيجابية الثاقبة والتوجه المستقبلي الباني في قرارات سيادية. وبخبرة ممتدة متمرسة في استشراف المستقبل, أتوقع قراراً حاسماً حازماً لتعيين المرأة القيادية في مواقع مفصلية من الإدارة العليا وعضوية المجالس.
وأدعو محبو الوطن للاتفاق على ضرورة مواكبة الزمن لاستدامة نمائه.. وسنظل على تفاؤل بالمزيد من القرارات السديدة.