عبده الأسمري
تفاجأت بسيل من الرسائل والنقاش الذي ارتفع لسقف اللوم ووصل إلى مساحات «الدفاع» بعد مقالي الأسبوع الماضي.. الإخوان المسلمين وجذور التطرف الذي أطلقت فيه الحذر من هذه الجماعة المارقة المتمردة على كل منطق وموضوعية.. استغربت تلك التحليلات الساذجة من البعض ممن دافعوا وكافحوا ونافحوا في التعليقات. وقد زاد ذلك من دافعيتي لاستكمال الحديث المسجوع بالحذر حول من يصفق لهذه الجماعة حتى وإن كان يدعي أنه ليس منهم أو أنه يصف الموضوع وفق وجهة نظره بأنه هجوم لليبرالية على السلفية.. وددت أن أؤكد أن جذور الإخوان متعمقة وعميقة وهي التي ما زلت أحذر أن هنالك من يحاول تنميتها في ظل وجود مد مؤدلج للسلفيين وتغرير بمسلمات الضلال للقاعدة وداعش والجماعات الإسلامية.
وعندما ظهر للعيان بأن الجماعة المحظورة ضد الدين والحياة تصاعدت أصوات الأبواق بخفية وبطرق غير مباشرة وأخرى اتهمت من ينتقد أو يحذر محاولة رفع رأس الجماعة وكينونة أحزابها لأنها عمدت منذ زمن على وضع أحزاب سرية في مثل هذه الأوقات التي انكشفت فيه وباتت منعزلة وكطريقة الخائنين فإنهم يتذرعون بالمختبئين ممن يطلقون التمجيد لمن يمدحها والتنديد لمن يقدح في جماعتهم التي تجمعهم تحت لواء التشدد والإسلام السياسي والسطوة على مقدرات الدول وشراء الذمم والبحث عن الوجود الشعبي والتواجد المؤسساتي وكل ذلك من أجل الحفاظ على هويتهم وإمعانًا في جلب أعضاء جدد بعد موت الرموز أو توبة القيادات أو هروب النشطين من الجهل إلى حيث العقل.
علينا أن نفتش عمن يشد على أيديهم وأن نحذر من كل من ينتمي للجماعة وفكرها في جامعاتنا ومدارسنا ومناحي حياتنا لأنهم يمارسون التضليل على طريقتهم والتطبيل بخفية هربا من كشف اللثام عن هوية الولاء للجماعة.
وكما أن اجتماعات الحدائق والرحلات المدرسية والمراكز الصيفية والتبرعات الجائلة والأيام المفتوحة والمسابقات الترفيهية تحت مظلة أنشطة دينية أو ترفيهية أو تربوية كانت في الثمانينات والتسعينات بيئة لتفريخ الإرهاب وتوظيف الفكر الضال والتغرير والتحوير وبلورة الأفكار ضد الآخرين فإن وجود الحذر والحظر ينبئ باجتماعات أكثر سرية واتجاهات أعظم ذروة للتماسك وجمع الشتات للإخوان المسلمين وأن هنالك اجتماعات سرية تدار من كل قارات العالم ونشاطات منبرية خفية وأفكار تتخبأ وراء تقنية مذهلة وخبراء تستعين بها الجماعة للمقاومة الشرسة في ظل عزلها وفصلها عن الحياة والمشاركة السياسية التي تعتبر رهانها الأول ومن أكبر أهدافها.
لذا فإن كل من يصفق للإخوان فهو منهم وكل من يدافع عنهم فهو جزء من جماعتهم وكل من يكافح عن وجودهم فهو مكمل لهم وهم موجودون وهذه الحقيقة المرة.. هنالك أسماء معروفة لدينا ولكنهم تغيروا ظاهرا بعد عزلة الإخوان وانعزالهم عن العون للجماعة والتعاون معها بسبب الحظر ولكن لو فتشنا في قلبه وتمت محاصرته بالأسئلة فماذا يكون رأيه وما هو الرأي في من دافع عن الجماعة أمام مقالي السابق.. لذا فقد أكملت ما تبقى في فكري عن التحذير من هذه الجماعة موشحا بالرد على من اندفعوا نحو الدفاع عن هذه الجماعة المحظورة البائسة المأجورة.
وددت إيصال رسالتي من هذا المنبر أن من كان في قلبه بقايا محبة أو إرث تعاطف نحو الإخوان المسلمين عليه أن يعي أن الأيام كفيلة بالكشف عن خططهم وعن توجهاتهم فإن كانت كلمات عابرة ناطقة بالحق استنطقت دواخلهم فما البال فيما يجول بخواطرهم نحو الانتماء الذي تعبره الجماعة منهجا أولاً وأخيراً للسير في درب تحقيق الأهداف وفيه مواثيق غليظة لذا عليهم أن يراجعوا أنفسهم فوطننا أمام تحديات كبيرة وتطلعات أكبر عليهم تغيير أفكارهم المتشددة نحو الآخر وتعديل رؤيتهم المتطرفة نحو كل من يتهم الإخوان الذين باتوا مدانين إدانة تامة بمنطق الشعوب ومنطلق الحكومات وقبلها رأي الشرع القويم.. الذي يمقت الحزبية ويعارض فكر الجماعات المسلحة. الحذر ثم الحذر فبيننا وللأسف «الإخوان المسلمين»..