ناصر الصِرامي
التقديرات المستقبلية تقول إنه سيكون هناك 9 مليارات شخص في العالم، أكثر من 8 مليارات اشتراك إنترنت على الأجهزة النقالة، ومليار ونصف منزل يصل إليه البث التلفزيوني الرئيسي عبر الإنترنت. هذه الأرقام الهائلة ستتفوق على قدرة الأجهزة والإعلام على مجاراة تقدم المتلقي والمستخدم، الذي سيتخلي عنها بشكل تدريجي!
بين 2011 و2015 حدث تراجع طاول الراديو والتلفزيون والصحافة المطبوعة والمنصات الأخرى، عكس الإعلام الرقمي. حيث نمت الصحافة الرقمية لتشكل ما نسبته 43.2 في المائة من مجموع استهلاك الإعلام بعدما لم تكن تغطي سوى 30 في المائة قبل 5 سنوات فقط، مقابل تراجع عام في كل من المطبوعات والراديو والتلفزيون. هذا وكشف العرض عن توجه كبير من جيل الألفية نحو الهواتف الذكية، خصوصا في الفئة العمرية بين 16 و35 سنة، بفارق كبير أمام التلفزيون مثلاً.
لكن حتى الطريقة التي ستصلك فيها الأخبار والآراء، أو حتى ممارسة أو الترفيه أو متابعة البورصات تتغير الآن، وستتغير تماماً في مستقبل قريب، وقريب جدً!
غالبية ذلك سيتم في السحاب الرقمي، لتصلك عبر الهواتف التي تزداد ذكاء، أو عبر تجسيد الأحداث والشخصيات والألعاب وكل ما يخطر أو لا يخطر على بالك في غرفة نومك وجلوسك.
بعد عام 2020، سيكون الإعلام والترفيه اقترب من تحقيق تحول كامل، مع اكتمال بناء الجيل الخامس من شبكة الاتصالات العالمية، 5G، اليوم توزعت أساليب المشاهدة بين التلفزيون التقليدي والكمبيوتر المنزلي والمحمول والهاتف الذكي والأجهزة اللوحية. وتغير نمط استهلاك المحتوى بشكل عام والمرئي بشكل خاص. توزع سيزداد مع إضافة المزيد من التقنيات التي ستجعل من أجهزتنا الذكية ذكرى!
في العالم العربي لا يزال معظم منتجي المحتوى يتأرجحون بين تجارب فاشلة، لم تحقق النجاح المأمول، أو تسويف للانتقال الرقمي الكامل، أو يتوقف إبداعهم عند عمل تطبيق أو أكثر لكن دون روية إستراتيجية أو تحول في بيئة العمل. فيما المتلقي أو المستخدم لم ولن ينتظر أن تتطور وسائل الإعلام التقليدية، بل يتحول بسرعة فائقة أيضا إلى أحدث الحلول وإلى أي خيار يناسب احتياجاته. والقاعدة الأولى اليوم هي أن المشاهد يقرر ماذا يريد أن يرى، وأين يراه، وطريقة المشاهدة التي يفضلها.
وفي الإعلام أصبح المسيطر الحقيقي على مفاصله هي تطبيقات التراسل الفوري، ويقدر 90 % من استعمالات الهواتف الذكية لتطبيقات التراسل الفوري.
سيبقي المحتوى ملك الإعلام والترفيه، إلا أن طبيعة المحتوى هي التي تقرر أين وكيف سيشاهده الناس: قد يفضلون مشاهدة البث الحي للفعاليات والمسابقات الجماعية والرياضية الكبيرة على التلفزيون مع الأسرة أو الأصدقاء، والانعزال مع جهازهم اللوحي أو هاتفهم النقال لمشاهدة الأفلام والمسلسلات التي تناسب ذوقهم الخاص. وهذه هي الظواهر تتسع بلا توقف حتى عام 2020.
بعدها قد تختفي الشاشات ليحل مكانها جهاز صغير قادر على تحويل الجدران والأسقف إلى شاشات عملاقة!
نشرت شركة “غوغل» هذا العام في رسالتها السنوية للإعلان عن نواياها ورؤيتها للمستقبل، فيما يخص اختفاء الأجهزة والذكاء الصناعي وتصحيح المفاهيم.
وتنبأ سوندار بيتشاي، مدير «غوغل» التنفيذي، عبر الرسالة التي نشرت على مدونة الشركة الرسمية، بتلاش تدريجي لمبدأ العمل بالأجهزة من أساسها!...
وترى الشركة أن الأجهزة، بكافة أشكالها، ستختفي، حتى الكمبيوتر، والهواتف المحمولة، وسيعوضها «مساعد ذكي» لن يأخد أي شكل، بل سيكون في كل مكان، في الغرفة والسيارة والعمل، يخاطبه الإنسان بشكل طبيعي وبسلاسة..!