عبدالله العجلان
معظم قضايانا ومشاكلنا تدوم وتكبر وتتكرر فيصعب حلها وتزداد تعقيداتها لأننا لا نهتم ولا نبحث عن الأسباب وإنما نتفرغ فقط لمناقشة نتائجها، ثم ننقسم في تقييم هذه النتائج بحسب عواطفنا وأهوائنا بلا مبررات منطقية مقنعة، وبالتالي نجد أنفسنا وسط حالة هستيرية من الضجيج والملاسنة والحروب الكلامية الفارغة، ويساهم في تأجيجها غياب الحسم والحزم في تطبيق اللوائح واتخاذ القرارات..
في قضية اللاعب عوض خميس لم أسمع أي إعلامي أو عضو شرف أو حتى مشجع نصراوي سأل إدارة ناديه: إذا كنتم ترغبون بالتجديد معه لماذا فرطتم به في البداية ؟ لماذا تحول في نظركم فجأة بعد عودته للنصر إلى نجم كبير ومهم في الخارطة النصراوية وأنتم أنفسكم من وصفتموه باللاعب العادي الاحتياطي غير المؤثر بعد توقيعه للهلال؟ هذه التساؤلات هي التي من المفترض طرحها والحديث عنها باعتبارها الأصل والسبب المباشر في وجود القضية برمتها، أي أن الموقف يحتاج لنصراويين من المفترض أنهم قالوا لإدارتهم بصريح العبارة: أنتم في الأساس من صنعتم القضية، وأنتم من أشغلتم وورطتم أنفسكم وجماهيركم واللاعب بها، بعد أن عاندتم وكابرتم ورفضتم التجديد معه أثناء المفاوضات وحتى بعد دخوله الفترة الحرة..!
نريد في النصر وغيره من الأندية، وفي قضية عوض والقضايا الأخرى الانضباط والاحتراف والتعاقدات والديون والفوز والخسارة، أن تتعاملوا معها بعقل ومنطق وإلمام ومكاشفة مع أنفسكم وإدارات أنديتكم أولا وقبل كل شيء، بدلاً من الضحك على أنفسكم والدفاع عن أخطائكم والتستر عليها والتفرغ للطقطقة على منافسيكم بالأكاذيب والخزعبلات، وإلهاء جماهيركم بادعاء المظلومية واتهام الأندية والاتحاد والهيئة بوهم المؤامرة ، هذا إذا كنتم بالفعل تريدون أن تفهموا واقعكم وتعالجوا مشاكلكم وتحققوا التطور والارتقاء لأنديتكم..
أزمة الإعلام الجديد
مع ظهور وسائل وتقنيات الإعلام الجديد أصبحنا أمام واقع إعلامي وأيضا جماهيري آخر، مختلف في شكله ومضمونه ومفاهيمه وطريقة تعبيره، هو بالطبع يميل للفوضوية، أو لنقل عدم الانضباطية أكثر بكثير من كونه حراً صريحاً كما يردد أنصاره، هذه الحالة المستجدة المتسارعة أنتجت ثقافة جديدة في أوساط المجتمع تتلاءم مع ظروفها وأجوائها وطبيعة الممارسين لها والمهتمين والمتابعين لمخرجاتها..
ولأنّ هنالك من يظن أن الإعلام القوي المؤثر يكون في كثافته وكثرة صخبه وظهوره ومشاكساته وتهجمه وتهكمه على كل من يخالفه أو لا يحقق مطالبه، صرنا نقرأ ونسمع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك البرامج والصحف الورقية والإلكترونية، لغة حادة مليئة بالسب والشتم والإقصاء والقذف والكذب وقلة الأدب، الأمر الذي أثر على عقلية وثقافة وطريقة تفكير الكثير من فئات ومكونات المجتمع، وبخاصة الرياضي لارتباطه بعواطف وأهواء المنتمين للأندية..
أصبح للأسف من السهل وبكل أريحية وبلا خوف من الله أولاً وقبل وأهم من أي شيء آخر توجيه تهمة الفساد والسرقة والتلاعب للمسؤول الذي لا تعجبك قراراته وأسلوب عمله، والتشكيك ببطولات وانتصارات ونجوم وتميز وتفوق النادي المنافس، والتشويه والتنديد بالإعلامي النزيه الأمين الذي يكتب بعقله ويتحدث بضميره، هؤلاء يرون في أنفسهم وأسلوبهم أنهم الأبطال الشجعان، بعد ان وجدوا من صنع منهم رموزاً ونجوماً يستحقون الحضور والانتشار والترحيب والاحتفاء والتفاعل معهم، ومع كل من لديه الجرأة على أن يكون الأعلى صوتاً والأكثر تهوراً وتطاولاً، في حين يهمش ويغيب من تتسم أطروحاته وأفكاره بالمهنية والعقلانية والمصداقية والمقدرة على الإقناع بالحقائق والأرقام والمعلومات الصحيحة الموثقة..