فهد الحوشاني
لا تزال المعركة مستمرة بين الرئيس الأمريكي السيد دونالد ترامب والمؤسسات الإعلامية الأمريكية، فلقد سبق له أن هاجم أغلبية الإعلام الأميركي واتهمها بـ»عدم النزاهة»، وقال عن موقع «بازفيد» بأنه عبارة عن «كومة من القمامة»، ثم أسكت مراسل شبكة «سي إن إن» جيم أكوستا ورفض الإجابة عن سؤاله، واصفاً أخبار الشبكة بأنها «مزيّفة». متابعاً قوله إن هناك كثيراً من الغضب والحقد على «سي إن إن» إلى درجة «أنني لم أعد أشاهدها».
هذه المشاحنات جاءت لصالح المملكة وجهودها في محاربة الإرهاب، فبعد حديث الرئيس عن محاربة داعش وعزمه القضاء على التنظيم، قالت (سي إن إن) الخميس (27 أبريل 2017)،» في تحليل إخباري إن الرئيس سيكون مطالبًا بـ(التعلّم) من المملكة العربية السعودية، إذا ما أراد هزيمة تنظيم داعش الإرهابي، حيث أشار التحليل إلى النجاحات التي حققها برنامج المملكة في مكافحة الإرهاب خلال العقود القليلة الماضية؛ عبر إحباط عدد كبير من الهجمات المحتملة وإنقاذ الآلاف من الأرواح.
وأوضحت المحطة أن البرنامج، الذي طوّره صاحب السمو الملكي، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، الأمير محمد بن نايف، أثبت أنه ذو فعالية عالية؛ لأنه يقوم على مزيج من التكتيكات القتالية وشبة العسكرية المنظمة، والتي يتم تنفيذها جنباً إلى جنب مع مجموعة من التحالفات الاستخباراتية التعاونية العالمية وعدد من المبادرات المبتكرة لإزالة التطرف.
وأهم ما يميز برنامج المملكة، بحسب «سي إن إن»، هو قيامه على اعتقاد راسخ لدى المسؤولين بأن قوة السلاح لن تكون كافية للقضاء على الإرهاب، وأن الواجب على الحكومة أن تتمكّن من الفوز في المعركة الفكرية التي يشنّها الموالون لتنظيمي داعش والقاعدة للفوز بعقول العامة عبر طريق تضليلهم فكريا.
وأشارت «سي إن إن» إلى أن المملكة لم تكتف بهذه الإجراءات المهمة، بل سارعت بسن قوانين تجرِّم كل من يدعم داعش والقاعدة؛ ما أدى لسد كل السبل أمام التنظيمات الإرهابية لمحاولة الحصول على أي دعم من الداخل السعودي. هذا تحليل منصف للمملكة ربما لم يكن سيُقال لولا هذه المشاحنات التي تتسيّد الساحة بين الرئيس والإعلام الأمريكي والذي للأسف لم يكن منصفاً فيما سبق فيما يطرحه عبر قنواته، لكن الحقيقة الكبرى هي أن المملكة تعتبر الدولة الأهم بمساهمتها في محاربة الإرهاب؛ لأنها أكثر الدول التي تضرَّرت منه، فهي تحارب الإرهاب المتطرف دينياً المتمثّل في داعش والقاعدة، وأيضاً تحارب الإرهاب السياسي والعسكري والذي تنتهجه دولة مثل إيران ومحاولتها زعزعة الأمن والاستقرار في عدد من الدول العربية. تحليل «السي إن إن» جاء في وقته وإن كان المقصود منه النيل من مواقف الرئيس إلا أنه قال الحقيقة التي لم يسبق أن صدع بها الإعلام الغربي، وهنا وفي السياق تذكّرت عجز بيت الشعر العربي الشهير والذي حوّرته بصيغة تناسب هذا الموقف ليكون (والحق ما نطقت به السي إن إن)!