يوسف المحيميد
حينما نتأمل لوحات فنان عربي ينتابنا شعور واحد، وتساؤل واحد: يشبه مَن؟ بمعنى آخر: هل هو مقلد؟ أم هو مجدد؟ أم صنع لنفسه أسلوبًا جديدًا، وليس موضوعات جديدة؛ لأن الموضوعات حتى وإن تخصص فيها فنان أكثر من غيره لا تكفي ما لم تكن مصحوبة بأسلوب وتكنيك يمكن معرفته من أول وهلة؟! أقول ذلك وفي ذهني الفنان التشكيلي السعودي خليل حسن خليل، الذي لمع نجمه في الثمانينيات من القرن الماضي قبل أن يختفي، مختتمًا تجربته بكتاب عنوانه «أحلامي». ومعظم اشتغاله يقترب كثيرًا من سيريالية سلفادور دالي، رغم انعكاس الجانب المحلي موضوعاتيًّا في معظم أعماله!
لماذا حين نتأمل تجربة من تجاربنا التشكيلية نبحث عن مرجعيتها (مونيه، بيكاسو، كلي، كلمت، كاندينسكي، شاغال، روثكو).. إلى آخره؟ ومن غير أن أسمي بعض الفنانين والفنانات الفاعلين الآن في الساحة التشكيلية، بعضهم يكون مشابهًا لفنانين من القرنين الماضيين، وكأنما العالم توقف في التصوير التشكيلي عند هذه الأسماء. أما البعض الآخر فيجرب بلا وعي بحثًا عن أسلوبه وتكنيكه الخاص.. ينجح أحيانًا ويفشل كثيرًا، وفي كل مرة يقفز من أسلوب وأداء إلى آخر بلا دراية، ومع ذلك يصعب نقاشه ومحاورته إلا إذا كان هذا النقاش من قبيل الإشادة والمديح!
نعم، لدينا فنانون وفنانات، لدى بعضهم بوادر جميلة، لكن أغلبهم، ومن أول معرض شخصي، يعتبرون أنفسهم فنانين كبارًا، لا يقبلون الحديث حول عيوب أعمالهم ومشاكلها.. وكم أتمنى لو تمكَّن كل فنان من الدراسة، ولو على حسابه الشخصي، في أكاديميات الفنون الجميلة في العواصم الأوروبية؛ فلا يعيب الفنان أن يطور أدواته، وأسلوبه، واستخدام اللون، حتى ولو كان في الستين؛ فالإبداع لا ينضب إطلاقًا.
أذكر على سبيل المثال الفنانة المصرية زينب سجيني؛ ما زالت تنتج أعمالاً جميلة، دقيقة للغاية، حتى وهي في الثمانين عامًا، وغيرها من المصريين، أمثال عمر النجدي وعادل السيوي، وغيرهم الذين ينتجون باستمرار، وليس فقط إنتاجًا عاديًّا، بل ناضجًا ومكتملاً، بينما لدينا فنانون كثر انطفؤوا منذ سنوات طويلة، كخليل حسن خليل، وعبدالحميد البقشي، وعلي الرزيزاء، وسعد العبيد، ومحمد المنيف، وغيرهم من الجيل الذي تلاهم. لا أعرف متى كان آخر معرض شخصي لهؤلاء، كأنما اكتفوا بما حققوه من معارض ومنجز فني، وانسحبوا من الساحة. وربما من هم يعملون الآن بنشاط وحماس قد يتوقفون عند اكتمال أدواتهم ونضجهم الفني. لماذا نَفَس الفنان السعودي قصير؟