سعدت مع كوكبة من قياديي المستقبل من قطاعات حكومية مختلفة بأن يكون لي مقعد في دورة إعداد القادة في أكاديمية سابك، حصلنا على متابعة عالية وأسلوب تعليمي وتدريبي راقٍ فكان لنا شرف الانتماء ولو جزئياً لذلك الأمل الكبير «سابك».
لقد كانت فرصة لمعرفة هذا العملاق عن قرب، فلقد أمضينا أسبوعاً تدريبياً رائعاً ومثمراً، أذكر بعض محاور ما استعرضناه خلال هذا البرنامج فمن تحديد دور القائد وهويته الشخصية إلى عرض تجربة سابك في القيادة، ثم المحادثة مع فريق العمل والتعرف على مواهبهم وذكائهم العاطفي العملي.
وسار بنا برنامج التدريب إلى كيفية تطوير فريق عملك ومدى الاستفادة من وجهة نظرهم أو ما يعرف باسم «التغذية الراجعة».
كان لدور القائد نصيب من هذا البرنامج فكيف يتم تطوير نفسك كقائد وتطوير فريقك وصياغة الأهداف والقيادة والتمكين ومنح السلطة، بالإضافة لكيفية التعامل مع الواقع وكيف تضع خططك وكيف تكون قائداً ناجحاً وفعالاً وما هي الجدارات المطلوبة لذلك؟ وكيف تقود التغيير والتحسن المستمر؟ وكيف تحصل على نتائج ذات جودة عالية وتقدم في العمل؟ كيف تخطط وتنظم؟ وما عواقب الخروج عن المسار؟.. المعرفة التامة بالهوية الشخصية وأخلاقيات المهنة، كيف تستقطب المواهب وتطورهم وتحافظ عليهم، الطريقة المثلى للتواصل وتقديم الآراء المؤثرة على الآخرين.
كان لفكرة الذكاء العاطفي ومكوناته والتغذية الراجعة والقيادة الموقفية وصياغة الأهداف نصيب من هذا البرنامج، بالإضافة إلى شرح نظام السلم الاستنتاجي وطرح الأسئلة وتبسيط عملية التوجيه الشخصي لمساعدة الآخرين في الوصول لأهدافهم، وتنوعت أساليب طرح هذه النقاط بين المحاضرات، ورش عمل، تمارين، حلقات نقاش، وعروض مرئية..
ثم عرجنا على القيادة الفعالة في سابك واستفدنا من تجربتهم فلقد استمعنا للأستاذ يوسف البنيان الرئيس التنفيذي الذي عرض تجربة سابك في مجلات مختلفة وطموحات سابك المستقبلية، تكلم عن مواصفات القائد وأهم عناصره، وذلك بحضور نائب الرئيس التنفيذي الأستاذ عبدالعزيز العودان الذي أبدى استعداداً واضحاً لمشاركتنا وشرح برامج وتطوير أنظمة الموارد البشرية ومعايير تطبيقها وكيفية تنفيذها، وكذلك المهندس سلطان بن بتال نائب الرئيس- برنامج التحول بسابك الذي تحدث عن مكانة سابك العالمية وما حققته على مستوى الإنتاج والابتكارات وتطوير التكنولوجيا عالمياً لتتبوأ المرتبة الرابعة لأكبر الشركات العالمية في مجال البتروكيماويات وكذلك الفرص والتحديات للمملكة لأخذ صناعة البتروكيماويات لآفاق عليا لسابك خصوصاً والصناعة عموماً، ولهذا عملت الدولة رؤية 2030 لمواجهة تلك التحديات باستراتيجيات طموحة.
كما أن الاستفادة من خبرة سابك في تطوير الذات وفريق العمل وسلوك الموظفين لتحقيق الأهداف كان محور حديث نائب الرئيس المهندس أحمد الشنقيطي.
وقد استفدنا من تطبيق بعض معايير القياسات كمعياري MBTI - LBAII ولا يمكن أن أغفل زيارتنا لمركز الفكر والإبداع في سابك واطلعنا على عالم وواقع البيت الذكي، هذا المشروع هو مواجهة للتحديات المستقبلية في تخفيض الطاقة والاستهلاك للمياه والاستخدام الأمثل للمواد المحلية المصنعة في سابك.
وكما تعلمنا خلال ذلك الأسبوع بأهمية التغذية الراجعة فإننا محبون لهذا الصرح العملاق نستغرب عدم نشر الأفكار الإبداعية والمنجزات الضخمة، فالمنزل الذكي عمره سنتان وهو للعامة أشبه ما يكون في طي الكتمان، أين الإعلام عن هذا الإنجاز؟ أين وزارات الإسكان والتجارة؟ أين هيئة الموصفات والمقاييس؟ أين مجلس الشئون الاقتصادية والتنمية الذين يهتمون بتوفير الطاقة والمياه وتخفيض رسوم الاستهلاك والمحافظة على البيئة عن مثل هذا الإنجاز؟ ولماذا لا يكون إلزامياً للمجمعات السكنية والمشروعات الحكومية والمراكز التجارية وغيرها باستخدامه؟ متى سيتم تحديث كود البناء لتوفير الطاقة من هذا المشروع المنير؟
وكون سابك لها تجربة رائدة في التوسعات والمفاوضات والقدرة على الكسب وتجاوز العوائق بدليل أنها عام 1995 لم تكن من ضمن أكبر عشر شركات على مستوى العالم في مجال البتروكيماويات، وعام 2016 هي الرابعة عالمياً رغم كل الاندماجات العملاقة بين الشركات، ولذا نود أن تأخذ سابك هذه المبادرة الخلاقة الناجحة (أكاديمية سابك) إلى آفاق أبعد تتوافق مع إمكانات سابك الرائعة والقوية معززة بخبرتها المميزة لتطوير الإنسان (حيث وصلت نسبة التوطين بسابك إلى أكثر من 84 في المائة) من خلال إنشاء جامعة تحمل رؤية المملكة 2030، فهي تملك كل القدرات لذلك، وهي مؤهلة ليست فقط لبناء الصناعات الأساسية بل بناء الإنسان وهو الأهم، دعما للوصول لرؤية 2030 لنتجاوز تحديات العصر الحاضر ونخطو للمستقبل واثقين.
إن تجربة سابك وقوة برامجها ومواجهتها لكل التحديات يجعلني أرى فيها أرضية مثالية لتحقيق طموح رؤية الأمير العصامي محمد بن سلمان وطموحه في التحول الوطني، هنالك تناغم قوي بين خطة سموه لذلك وما شاهدناه ولمسناه في أنظمة وبرامج سابك، نعم إنشاء جامعة تحمل اسم سموّه ورؤيته وطموحه، ستقفز كما فعلت سابك لتكون في مصاف أوائل الجامعات.
ليتحقق الحلم لا بد من بناء الإنسان بناءً جاداً وعصرياً فهو الذي سيحقق تلك الرؤية، لا أرى نجاحاً للرؤية بدون البناء الأمثل والأقوى والأجدر.
سابك التي تملك 11000 براءة اختراع، سابك الرابعة عالمياً، فبتأسيسها لجامعة ستؤسس لبحث علمي يدخلنا بقوة إلى سوق البحث العلمي العالمي وليست الأبحاث الموجودة اليوم على استحياء في بعض جامعاتنا، هنا سنثبت وجودنا وسنبرز أبناءنا وبناتنا وسنقول للعالم إننا قادمون بأيدٍ وعقول ومواد سعودية، وليس ببعيد عنا فجامعة الملك فهد للبترول والمعادن نبعت من حضن أرامكو، وجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للعلوم الصحية نبعت من فكر وزارة الحرس الوطني، وكثير من الجامعات المرموقة في اليابان وأمريكا خرجت من مظلة شركات عالمية، فما الذي يمنع سابك أن تقوم بدورها؟
ولا يمكن أن أختم مقالي دون أن أشكر جميع القائمين على شركة سابك وأخص المدربين دكتور صلاح العيسى، والأستاذ سعود العمير، والأستاذ عمر الراشد، كما أنني ممتن لشرف التعرف على نجوم مضيئة في سماء الوطن من الإخوان والأخوات قادة المستقبل باسمي واسمهم جميعاً نشكر مسؤولي سابك على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة وطيب المعاملة، فلقد سعدنا بالتعرف عليهم وتشرفنا بالتعامل معهم وكسبنا التعلم منهم، ولهم منا كل الشكر والتقدير والدعاء وأهيب بالجميع بالاستفادة من تلك التجربة المميزة إن تسنت لهم الفرصة لذلك.
د. منصور سليمان المالك - استشاري طب الأسنان - مدينة الملك عبدالعزيز الطبية - وزارة الحرس الوطني