محمد خالد الخنيفر
من المتعارف عليه وجود علاوة سعرية بالسوق الثانوية في حالة كان حجم الإصدار صغيراً. نقصد بذلك أي حجم إصدار أقل من 250 مليون دولار
(وذلك لقاء ضعف التداول)؛ بمعنى آخر يمكن لنا أن نتغاضى عن وجود علاوة سعرية لصكوك (سيادية خليجية) تتداول بمستويات قريبة من سندات صادرة من نفس الجهة المصدرة. ولكن هذه الحال لا تنطبق على صكوك السعودية إذ تصل قيمة كل شريحة إلى 4.5 مليار دولار.
لفت نظري التقرير الأسبوعي (24 أبريل) من بنك «أوف أمريكا ميرل لينش» الذي قام فيه بتحليل أداء صكوك السعودية بالسوق الثانوية. يقول البنك إن هوامش الائتمان (spreads) الخاصة بشرائح الصكوك تتداول بمستويات قريبة من شرائح سندات المملكة.
وأشار البنك الأمريكي إلى أنه من المتعارف عليه أن الصكوك السيادية الخليجية تتداول بهوامش ائتمان أقل بـ15 نقطة أساس، مقارنة مع السندات الخليجية السيادية (التي تشابهها في نفس الآجال). وأرجع محللو البنك احتمالية ذلك إلى «نظرة المستثمرين الدوليين نحو الهيكلة الهجينة للصكوك».
ماذا يعني ذلك؟
بعبارة أخرى البنك الأمريكي يستغرب كيف تتداول صكوك السعودية بمستويات قريبة من سنداتها (مع العلم أن الظاهرة العامة هي أن الصكوك السيادية الخليجية تتداول بهوامش ائتمان داخل القيمة العادلة للسندات السيادية الخليجية (تصل إلى 15 نقطة أساس).
ببساطة بنك «ووال ستريت» يقدم إثباتاً من نوع آخر لما كنا نقوله مراراً وتكراراً في المقالات السابق. فخزانة بلادنا قد دفعت ثمن اختيارنا لهيكلة معقدة (صعبة الفهم على المستثمرين الدوليين). فلم نكتفِ بالعلاوة السعرية التي اجتذبناها عند التسعير النهائي، بل إن هذه العلاوة التسعيرية لا تزال تلاحقنا حتى في السوق الثانوية وقد تلاحقنا في إصدارات الصكوك القادمة!
تبعات الهيكلة الهجينة مع الإصدارات القادمة
يعني ذلك، في حال بقيت الأمور على ما هي عليه (من ناحية التقارب السعري للصكوك والسندات بالسوق الثانوية)، فإنه سيتم مطالبتنا بعلاوة سعرية مرة أخرى في حالة اخترنا الهيكلة الهجينة السنة القادمة.
الخيار الآخر هو أن نختار هيكلة صكوك سهلة الفهم من أجل أن نحصل على تسعير داخل القيمة العادلة لسندات المملكة، وكذلك تسعير داخل القيمة العادلة للصكوك الهجينة! وغير ذلك فخزانة بلادنا ستتحمل تبعات هذا القرار لسنوات طويلة، ففي الوقت الذي يمكن لنا استخدام الصكوك الهجينة بالسوق السعودي، فيمكن لنا إعادة النظر في سلبيات وإيجابيات الهيكلة الهجينة مع المستثمرين الدوليين. يمكن لنا حتى النظر بتكليف شركة قانونية لإجراء بعض التعديلات لبرنامج الصكوك، ويتم من الآن اختيار أصول سيادية والحصول على الموافقات اللازمة لقاء هيكل صكوك الإجارة.
كل ما أخشاه هو ألا نفعل شيئا ويستمر تحفظ المستثمرين الدوليين. الأمر الذي يعني أن هذه الملايين التي سيتم استنزافها من خزانة دولتنا لقاء اجتذاب علاوة سعرية من هذه الهيكلة المعقدة ستتحول إلى عشرات الملايين مع إصدارات الصكوك الهجينة على مدى السنوات المقبلة. والله من وراء القصد.