مها محمد الشريف
حضور المرأة السعودية في المشهد النهضوي للوطن فاعل ومتميز ويشهد نمواً نوعياً في كل اتجاهات التنمية في بلادنا والأجمل في هذا الحضور التطور الفكري والإنجاز الإبداعي المستنير والمطرد، وكان الأمير الراحل نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله - قد أكد على تفوق المرأة السعودية حين أقر جائزته للمرأة المتميزة، مستهدفاً بهذه الجائزة تفعيل الفكر وتحريك قدرات المرأة للاسهام بتطوير العمل في المجالات كافة ودفع نصف المجتمع شبه الجامد للشراكة الفاعلة فيما اعتبره سموه ضرورة حضارية وتطورًا علميًا، غايته الأسمى تشجيع وتكريم قدرات ونجاحات المرأة السعودية، وقد أثبتت المرأة حقيقة رؤية سموه -يرحمه الله- وأحقيتها بمثل هذا التكريم فنالت شرف الحصول على جائزة الراحل ستُّ سيدات مميزات ومنجزات في عدد من الحقول.
إذ نالت الأميرة سارة بنت فيصل بن عبدالعزيز جائزة الإنجاز عن قطاع التنمية المجتمعية، ونالت الدكتورة مها المنيف جائزةً عن قطاع الأمن المجتمعي، وحققت الدكتورة سامية العمودي جائزة قطاع الصحة، وحصلت الدكتورة سهيلة زين العابدين تفوقاً في قطاع الدراسات والبحوث، والأستاذة فريدة فارسي تميزت في قطاع التعليم، إلى جانب الإعلامية الراحلة أسماء الزعوع -رحمها الله- عن قطاع الإعلام.
وتبعا لذلك سوف تبقى أهمية الجائزة وآفاقها ولأن هذه الجائزة تحمل اسم رمز عظيم وقائد عالمي فريد في الأمن الوطني، وحققت مبكراً قيمةً مضافة تعزز دور المرأة ورسالتها وتفاعلها المستمر داخل النسيج الإنساني فسوف تبقى الجائزة مفتوحة الآفاق والطموحات أمام قدرات الإبداع النسوي الشامل.
خاصةً وأن معايير اختيار الفائزات وحسب تأكيد مساعد الأمين العام لمركز الحوار الوطني الأستاذة أمال المعلمي أن وضع الأسس التي يتم عليها الترشيح يأتي وفق المجالات المحددة ومن ثم المفاضلة والاختيار وفقا لعدة اعتبارات مهمة وهي: التميز في الإنجاز من خلال طبيعة العمل الذي قامت به المرشحة والظروف المحيطة والتحديات التي تغلبت عليها والدور الذي تقوم به بجانب دورها الوظيفي أو المهني.
إن ما ينصرف إليه اهتمامنا في هذا الجانب المضيء هو قيمة وأهمية الإنجاز من خلال أعداد المستفيدين واستمرارية الأثر والامتداد الجغرافي على مستوى الوطن. وموقف القدوة من خلال شخصية المرشحة ونهجها السلوكي وأسلوب االإنتاج وتوجهاتها المتناغمة مع التوجهات الوطنية والقيم المجتمعية. وبالتالي هي معايير توافق مسألة وأخلاق العلم التقنية.
فكل علم يتأسس على وعي وفكر ثاقب يكون بالضرورة مستوى تتشكل منه العقول ويأخذ صيغته الاجتماعية ومفهوم التاريخ والأدب تروي قصصاً وملاحم تستحوذ على مساحة كبيرة في المنظومة الفكرية وتحتل موقعاً متميزاً.
هذا مسار مشرق وصورة ناصعة البياض وكاملة الوضوح لمسيرة المرأة السعودية الحاضرة بقوة في مشهد الانجاز الوطني، وهو ما يثير استغراب المنصف والواقعي حين يرى وسيلة إعلامية عالمية أو إقليمية يعمى بصرها عن هذه الصور المشرقة وتتعمد بث مغالطات وفبركات في تقارير حول المرأة السعودية متجاهلةً فيه ما تحقق من انجازات ومهارات ذات قيمة في حركة النهضة وزاعمةً في تسطيح للاهتمامات أن النساء في السعودية لا يستطعن الخروج من المنزل بدون مرافق، وقد استنكرت وزارة الثقافة والإعلام السعودية ما نُقل على تلك القناة بهذا الشأن.
وسنشاهد بمزيد من الأسف إثارة هذه المواضيع التي تعتبر شأناً داخلياً، سعياً من تلك الوسائل الإعلامية إلى تعطيل ميثاق الغايات وتقييد الحريات وقدر كبير من التلاعب بالحقائق، وتكرار هذه الصور المغلوطة عن المرأة السعودية التي تسيطر على 21% من حجم الاستثمار الكلي في القطاع الخاص، ومقومات الاستثمار النشطة بفضل جهود الدولة، ويأتي الرهان هنا على الوعي العميق والعلاقة الوجدانية الراسخة بين المواطن ووطنه وهي أيقونة الخير عبر تاريخ هذه البلاد ولن تمر عبر تلك الأيقونة فيروسات الوسائل الإعلامية العميلة أينما كانت.