سعد العصيمي
أنا لا ألوم رئيس نادي الوحدة الحالي ولا أحمّله أسباب هبوط الفريق إلى مصاف أندية الدرجة الأولى، فهذه ليست المرة الأولى التي يهبط الفريق المكي، فقد هبط من قبل ثلاث مرات وعلى فترات متقاربة، فهذا الرئيس مثله كمثله من سبقه من رؤساء النادي السابقين الذين لا يأتون إلا من أجل خدمة مصالحهم الشخصية البحتة والضيقة وعلى حساب مصلحة وخدمة نادي الوحدة بشكل عام، باستثناء (عبد القادر كوشك) الذي اقترح إنشاء وقف للنادي في المنطقة المركزية في الحرم تدر ملايين الريالات، ورُفضت الفكرة من بعض أعضاء الشرف، فقدم استقالته ورحل، ورئيس آخر هو (طارق القصبي) حاول أن يضع استراتيجية طويلة الأجل فرُفضت فكرته، فاستقال بعد توليه الرئاسة مباشرة، ثم شخصيتان مكيتان استثنائيتان هما ( عبد الله العريف وكامل أزهر) حيث حقق الفريق الوحداوي معهما 3 بطولات، ومع الأسف لم يقتد بهما كل من رأس وتسلّم زمام أمور إدارة النادي بعد ذلك، فكلهم لم يسيروا على نهجهما، مع أن الوحدة منذ البدء كانت (وحدة ما يغلبها غلاب) فريق مليء بالنجوم والمواهب الكروية لذا حقق أول بطولة عام 1377، حيث اكتسح فريق الاتحاد بـ4 أهداف نظيفة وخطف (أول كأس) من أمامه، وقد كانت الوحدة الفريق الأقوى بين الأندية السعودية في ذلك الحين، ولم يكن يضاهيه في القوة سوى فريق الهلال الذي ظهر مرعباً بقيادة مؤسسه (عبد الرحمن بن سعيد) وكانت بصماته واضحة في انطلاقته وفي عام 1381 حقق نادي الهلال أول بطولة (كأس الملك) على مستوى المملكة، حيث فاز على نادي الوحدة من مكة (3-2)، وسجل أهداف الهلال اللاعب (رجب خميس) وهو أول هاترك في الملاعب السعودية، ويروي كابتن الهلال في ذلك الحين مبارك عبد الكريم أحداث تلك المباراة التاريخية، حيث يقول إنه قبل المباراة بيوم اجتمع (الشيخ بن سعيد) مع لاعبي الهلال فترجّاهم (مبارك عبد الكريم) بأن لا يخسروا بأكثر من فارق هدفين، حيث كان فريق الوحدة هو بطل أول كأس، وكذلك وجود نجوم كبار مثل (عبد الرحمن الجعيد وحسن دوش وحسني باز وصادق فلمبان ومحمود أبو دَاوُدَ)، وجاءت نتيجة المباراة مفاجئة للهلاليين أنفسهم حيث انتصروا بثلاثة أهداف مقابل هدفين ولقّنوا الوحداويين درساً لن ينسوه، حيث لم يكونوا مصدقين لفارق الإمكانيات الفنية، وبالمقابل كانت فرحة عارمة جداً من قِبل الهلاليين، وكانت تلك بدء الانطلاقة القوية للهلال فاكتسح كل الألقاب الآسيوية والقارية والإقيمية والمحلية، من حيث عدد البطولات التي حققها بمجموع 57 بطولة كزعيم للأندية المحلية وبدون منازع، والسر في زعامة نادي الهلال وتفوقه وحصده البطولات، يكمن في الأسس والمفاهيم والقوانين التي وضعها (بن سعيد) عند تأسيس نادي الهلال في حساباته، بعد معايشته الصراع الداخلي الأول في نادي الموظفين، ثم الصراع الثاني في نادي الشباب، فتجسّدت لديه معلومة معرفية ثابتة، أن الإشكاليات والصراعات الداخلية هي الأخطر على أي مؤسسة أو كيان رياضي من التدخلات الخارجية، حيث عرف وأدرك منذ دخوله معترك المجال الرياضي ذلك فسنّ ميثاق شرف هلالي ملزم لأي إدارة تأتي لتدير النادي الأزرق، بأن تحل أي إشكالية أو خلافات بين الأعضاء مهما كانت كبيرة أو صغيرة داخل أسوار نادي الهلال وخلف الكواليس، ويمنع تداول أو نشر الخلافات في وجهات النظر بين الهلاليين على الملأ أو عبر أي وسيلة إعلامية، وأي شخص كائن من كان يحاول إثارة بلبلة أو افتعال إشكالية داخل النادي، يتم تجميد عضويته أو طرده لو لزم الأمر .. وأول من طبق ذلك عملياً هو (بن سعيد) ذات نفسه على أحد أقاربه، فقبل مباراة الوحدة والهلال في ملعب الصائغ وفي التمرين الأخير استعداداً للمباراة، كان من ضمن لاعبي الهلال اللاعبان (محمود زرد وحامد عباس) اللذان كانا أصلاً قد أتيا من فريق الوحدة، فتلفظ قريبه عليهما من المدرجات، وعند حضور ( بن سعيد) تم إبلاغه فأمر قريبه بمغادرة الملعب فوراً، وقد اعتذر لاحقاً بعد فوز الهلال بالكأس، ومن ذلك الوقت وحتى كتابه هذه المقالة، ظل الهلاليون يديرون ناديهم بنفس الأسس والمثل والقوانين التي بدأ بها المؤسس وما زالت تطبق حتى الآن رغم وفاة الشيخ (عبد الرحمن بن سعيد) رحمه الله، وهو وضع يتميز به نادي الهلال منفرداً ليس على مستوى الأندية السعودية فحسب، بل ربما على مستوي أندية العالم، وهذا هو السر في قوة وتماسك نادي الهلال وتفوق على مدى 62 عاماً، وأصبح الهلال في العلالي وما زال، فنجده حسم بطولة الموسم الحالي 1438 قبل ثلاث جولات، وعلى النقيض من ذلك نجد الوحدة يهوي إلى قاع ترتيب الفرق المحلية السعودية، ويهبط إلى مصاف أندية الظل بعد نتائج سلبية يتحملها بالطبع كل إدارييه، حيث التنافر والمشاحنات ونشر غسيل النادي وما يدور خلف الكواليس على الملأ عبر وسائل الإعلام، وكثيراً ما تنشأ الصراعات بينهم بسبب ذلك، مما أدى إلى انعدام الدعم المعنوي والمادي للنادي، وهه العوامل أثرت على مسيرته نادي الوحدة وأوصلته إلى هذا الوضع المزري، لذا نجد الهلال دائماً في العلالي بسبب تكاتف الهلاليين ونجد الوحدة أبداً في الهاوية والحضيض وتصارع من أجل البقاء، ومحرومة جماهيرها من أن تفرح منذ أكثر 52 سنة بلا أي إنجازات بطولات بل هزائم وخسائر وهبوط وويلات.