فهد بن أحمد الصالح
لا نبالغ ونحن نتحدث عن تطلعات المجتمع في وجود وجه إِنساني للرياضة المحلية، ولا نتجاوز الخطوط الحمراء إذا قلنا إن المشهد الرياضي اليوم لا يفرز إلا القليل والقليل جداً من اللاعبين والرياضيين المرتبطين بالأندية ممن يملكون حساً وثقافة إِنسانية راقية ومتفاعلة، وكذلك رغبة صادقة في أن يكون لهم بصمة إِنسانية تعرفهم بها الأجيال المتعاقبة، وتركنا المسار السابق للأندية في رسالتها أن تكون رياضية وثقافية واجتماعية فلم نحقق تميزاً رياضياً نفرح به، ولم نستثمر في الجانب الثقافي والاجتماعي للرياضيين حتى وإن قلنا إن بعض الأندية وهي لا تتجاوز أصابع اليد من تؤمن بثقافة المسؤولية الاجتماعية، وتركز على الجوانب الإِنسانية وخدمة المجتمع، ولم تصنع الأندية المحلية الثقة عند الأسر السعودية في الأمان على شبابها أن ينخرطوا في أي من المجالات والألعاب الرياضية وتشاركها المسؤولية الهيئة الرياضية والإعلام الرياضي ومراحل التعليم التي لم تؤصل تلك النظرة، ولذا ارتبط ضياع الوقت بالرياضة لدى شريحة مجتمعية عريضة.
ولكي لا نقسو في الحديث أو نتشاءم في النظرة فقد التقى مؤخراً معالي المستشار بالديوان الملكي المشرف على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإِنسانية الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الربيعة قائد منتخب المملكة لاعب نادي النصر السابق رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء لاعبي كرة القدم الخيرية الكابتن ماجد عبد الله، بمناسبة اختياره سفيراً للمركز ضمن برنامج سفراء الإِنسانية بالمركز وتسلم القميص الخاص بالمركز ودرعاً تذكارياً. وقال ماجد عبد الله: لقد تشرفت اليوم بأن أكون سفيراً إِنسانياً للمركز الذي يحمل اسماً غالياً علينا وهو اسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وسعادتي لا توصف بما شاهدت من أعمال المركز الذي يقدم العمل الإِنساني لـ37 دولة، وهذا يعطي انطباعاً عن عالمية المركز الذي يقدم خدماته الإِنسانية على أرض الواقع وكل إِنسان لديه بذرة خير، فماجد عبد الله وغيره يستطيع العمل في المجالات التي تخدم الإِنسانية وهي مصدر سعادة للجميع. والحال نفسه عندما التقى معاليه وأعلن مركز الملك سلمان للإغاثة تعيين اللاعب السابق والمدرب الوطني الكابتن سامي الجابر سفيراً للعمل الإِنساني ضمن برنامج سفراء المركز، وقدم المشرف العام على المركز د. عبد الله الربيعة درع وسترة السفير للاعب الدولي السابق والمدرب الوطني سامي الجابر في مقر المركز بالرياض، والجابر قد عبر عن سعادته وتشرفه بهذا الاختيار الذي يدل على استثمار الجانب الرياضي في نقل الرسالة الإِنسانية لهذا المركز للمشهد الشبابي والرياضي، وهو واجب يمليه علينا ديننا الحنيف وهو كذلك نتاج أخلاق حميدة تربينا عليها، وبالمثل نجد أن الكابتن علي كميخ هو سفير الطفولة لمونديال 2017 التي لا شك تعكس جانب إِنسانياً مشرقاً ومشرفاً لمدرب وطني له حضور اجتماعي وإعلامي نفتخر به معه.
وفي جانب مضيء آخر يستحق الإشادة والإبراز، فقد عينت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية محمد الشلهوب لاعب الفريق الأول لكرة القدم بنادي الهلال سفيراً للعمل التطوعي في المملكة العربية السعودية، وتم تكريم الشلهوب في حفل اتفاقية الشراكة بين نادي الهلال ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية التي وقعها الأمير نواف بن سعد رئيس نادي الهلال وم/ ماجد العصيمي المشرف العام على قطاع التنمية الاجتماعية بالوزارة.
ووفقاً للاتفاقية يُعدُّ الشلهوب أول سفير معتمد تعينه وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بهذا الخصوص، وتتضمن الاتفاقية بين الوزارة والنادي دعم الهلال للخدمات التطوعية التي تقدمها الوزارة باعتباره أحد الأندية المتميزة في مجال المسؤولية الاجتماعية والتطوع بتواجد فريق تطوعي تقوم عليه إدارة المسؤولية الاجتماعية بنادي الهلال، وسيسهم اسم الهلال وبرامجه الاجتماعية في حملة وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وذلك باستقطاب وزيادة عدد المتطوعين في سجلات التطوع التي ستطلقها الوزارة لتحقيق رؤية «2030» والتي تأمل الوزارة رفع عدد المتطوعين إلى مليون متطوع، وكان هذا الجانب أحد أهم محاور الرؤية، كما تثق الوزارة بأن وجود محمد الشلهوب كسفير للتطوع سيحفز الشباب والمجتمع الرياضي على التطوع.
ختاماً، هل يكفي أن يكون السجل الإِنساني للرياضيين مقصوراً على أربعة رياضيين من آلاف الأسماء التي لا زالت تحتفظ بها ذاكرة المجتمع، كيف لنا أن نصنع القدوة من خلالهم وكيف لمبادرات الهيئة العامة للرياضة أن تصنع جانبا إِنسانيا في كل اللاعبين، وكيف لنا أن نرتقي بالرياضة حتى نعزز الكثير من السلوكيات الإيجابية التي نراها في الرياضيين ونعالج بها سلبيات أخرى، وكيف نخلق التوأمة الإِنسانية بين اللاعب والمجتمع ونجعله شريكاً مهماً في مسح دمعة يتيم أو مساعدة مريض أو سند لجائع، وكيف نخلق التنافس الإنساني والخيري بين القادرين في المجتمع مع عقود احتراف خيالية وصفقات غير مستثمرة؟ واليوم الرياضيون يعدّون من القادرين وينتظرهم بشغف المحتاجون. وأخيراً أين دور لجنة المسؤولية الاجتماعية في الاتحادات الرياضية، وأين ثقافة خدمة المجتمع في الأندية الرياضية والتي ستقيم عليها الأندية في عملية الخصخصة التي سبق وأعلن عنها سمو الرئيس ولم نرها واقعاً عاماً مشاهداً نفرح به.