«الجزيرة» - محمد المرزوقي:
من بين 186 رواية مرشحة تمثل 19 بلداً عربياً، جاء إعلان الجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» عن فوز رواية «موت صغير» للكاتب محمد حسن علوان بجائزة البوكر للرواية العربية 2017م شاهداً آخر على المكانة العربية التي ما تزال الرواية السعودية تحتلها في المشهد العربي، حيث تم الإعلان عن اسم الفائز بالجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر» في العاصمة الإماراتية، أبوظبي، عشية انطلاق معرض أبوظبى الدولي للكتاب 2017م، حيث ضمت القائمة القصيرة للجائزة رواية «السبيليات» لإسماعيل فهد إسماعيل، ورواية «زرايب العبيد» لنجوى بن شتوان، ورواية «أولاد الغيتو - اسمى آدم» للكاتب إلياس خورى، ورواية «مقتل بائع الكتب» لسعد محمد رحيم، ورواية «فى غرفة العنكبوت» لمحمد عبد النبى، ورواية «موت صغير» لمحمد حسن علوان التي حصدت جائزة هذه الدورة.
وقد صدر لعلوان أربع روايات سبقت «موت صغير»، هي: «سقف الكفاية» 2002م، «صوفيا» (2004)، «طوق الطهارة» 2007م، و»القندس» 2011م، التي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2103، فيما فازت نسختها الفرنسية بجائزة معهد العالم العربي في باريس لأفضل رواية فرنسية مترجمة من العربية عن العام 2015م؛ إضافة إلى إصدار علوان كتاباً نظرياً بعنوان «الرحيل: نظرياته والعوامل المؤثرة فيه» 2014م الذي تم اختياره ضمن أفضل 39 كاتب عربي تحت سن الأربعين، وأدرج اسمه في أنطولوجيا «بيروت 39» إلى جانب مشاركات علوان في العديد من المؤتمرات الأدبية والثقافية والورش الإبداعية.
أما رواية «موت صغير» فهي عبارة سيرة روائية (متخيلة) لحياة الفيلسوف محيي الدين بن عربي منذ ولادته في الأندلس في منتصف القرن السادس الهجري وحتى وفاته في دمشق، إذ إن الراوي يسرد سيرة حياة الحل والترحال التي حفلت بها حياة ابن عربي، عبر الأمصار المختلفة من الأندلس غرباً وحتى أذربيجان شرقاً، مرورا بالمغرب الغربي ومصر والحجاز والشام والعراق وتركيا.. حيث وصفت سحر خليفة نيابة عن لجنة التحكيم على رواية علوان في تصريح لهيئة اللجنة رواية علوان بأنها نبش في حياة ابن عربي، وتستحضر مرحلة تاريخية بصراعاتها وحروبها واضطراباتها وكيف في قلب هذا الخضم تتشكل وتتطور مسيرة حياة ابن عربي الإنسان؛ فيما وصف ياسر سليمان، رئيس مجلس أمناء الجائزة رواية علوان قائلا: تسحرك رواية «موت صغير» بانسيابيتها وانتظام سردها وهدوء حركتها الداخلية؛ فتجعلك تغوص في عوالم بطلها، ابن عربي، في حله وترحاله وكأنك هو في أزمان مضطربة تصارع مآسيها بصبر يتردد، لتتدفق الرواية بين يديك، وتجري وراءها بشغف أخّاذ وإيقاع متوازن يشهد لكاتبها محمد علوان بقدرة رائعة على حياكة السرد دون تزويق أو بهرجة.
إن فوز الرواية السعودية للمرة الثالثة بجائزة البوكر يؤكد حضور الرواية السعودية في المشهد العربي، ومدى قدرتها على المنافسة وحصد الجوائز العربية، إذ فاز الروائي عبده خال بالجائزة عام 2010م، عن روايته «ترمي بشرر» فيما فازت رجاء عالم (مناصفة) مع المغربي محمد الأشعري،عن روايتها «طوق الحمام» لتأتي رواية علوان مجددة حضور الرواية السعودية على مستوى المنافسة العربية، ويجدد من جانب آخر روح المنافسة الروائية المحلية التي تستطيع اقتحام أمواج الكم الروائي الذي تشهده ساحتنا الثقافية، الذي ما يزال محل خلاف بين النقاد بين مؤيد للكم بوصفه يشكل بيئة حاضنة تتراكم في كمها التجارب الرواية وتتلاقح عبره الرواية تجريبا وتلق ونقدا، فيما يرى نقاد آخرون أن الكم الروائي الذي يتدفق إلى المشهد المحلي أحد المعوقات التي تحد من وصول العمل الجيد روائيا إلى القارئ، ومن ثم إلى إلمام النقد به أمام موجة الكم الروائية محليا، فيما يظل آخرون ينظرون إلى هذا الفوز على أنه أفضل ما رشح للبوكر وليس أفضل ما كتب على الإطلاق من روايات عام عربي، إلا أن فوز الرواية السعودية يظل ذا دلالة على الأفضلية رغم تعدد آراء التلقي، اختلاف وجهات وزوايا النظر إلى الجائزة.