د. أبو أوس إبراهيم الشمسان
هذه الحلقة السابعة من وقفات مع كتاب (القرارات المجمعية في الألفاظ والأساليب، من 1934 إلى 1987م) إعداد محمد شوقي أمين وإبراهيم الترزي، نشره مجمع اللغة العربية في القاهرة، عام 1989م.
جاء في ص229 عن (تَغْطِيَةُ المَوْضُوع، التَّغْطِيَةُ بمَعْنَى الاِسْتِيعاب) «يرى المجمع أن المعاصرين يستعملون كلمة (التغطية) بمعنى الإحاطة والشمول والاحتواء في مثل قولهم: غطى الصحفيون أنباء المؤتمر، بمعنى استوعبوها وأحاطوا بها. واللجنة مع علمها بأنه غير مسموع في اللغة وأنه منقول بطريق الترجمة من لغة أجنبية، فإنها تجيزه على أساس أن التغطية بهذه الدلالة استعيرت للاستيعاب على طريق الاستعارة التصريحية الأصلية».
وللمجمع أن يقول إنّ المترجم منه هو الفعل cover وكَفَرَ في العربية بمعنى غطّى، جاء في معجم (العين) «والرجل يكْفِرُ درعه بثوبٍ كَفْرًا، إذا لبسه فوقه، فذلك الثوب كافِر الدرع. والكافر: الليل والبحر، ومَغيب الشمس. وكل شيء غطّى شيئًا فقد كَفَرَهُ». ويمكن استعمال الفعل (كَفَرَ) في الاستعمالات الحديثة، فيقال مثلا: كَفَرَ الصحافيُّ افتتاح المصنع الجديد؛ ولكنَّ المحذورَ في ذلك شدّة ارتباط الفعل (كَفَرَ) بالكفر بالله. ولذلك يحسن استعمال مرادفه وهو غطّى.
جاء في ص237 عن اللفظ (نِسْبَوِيّ):
«يرى المجمع أن علماء الفيزيقا يحتاجون في النسب إلى نظرية النسبية أن يقولوا: (نسبوي) ويقف في وجه هذه الصيغة زيادة واو على غير المقرر في قواعد النسب، ولكن التزام القاعدة قد يؤدي إلى أن تكون الصيغة نسبي وذلك يؤدي إلى اللبس، إذ يختلط ما هو منسوب إلى النسبة، وما هو منسوب إلى نظرية النسبية. وترى اللجنة جواز قولهم (نسبوي)، استنادًا إلى أن الواو تزاد في بعض صيغ المنسوبات؛ منعًا للَّبس، ومن ذلك إقرار المجمع لكلمة (الوحدوي) في النسبة إلى الوحدة».
لعل تفسير هذه النسبة أنهم نسبوا إلى (النسبية) فحذفوا تاء التأنيث ثمّ خففوا الياء المشددة بحذف إحدى الياءين فصار اللفظ (النسبي) مثل القاضي الذي ينسب إليه فيقال (القاضويّ)، وهكذا نسبوا إلى (النسبي) فقالوا: النسبويّ.
أما (الوحدويّ) فأراها تولدت من النسبة إلى (وحدا)؛ إذ حذفت تاء التأنيث من (وحدة) ومطلت الفتحة تعويضًا، فلما نسبوا إلى (وحدا) قالوا: وحداويّ وعرفوه بالوحدويّ، ونجد الناس ينسبون إلى مكة فيقولون مكاوي، وإلى جدّة جدّاوي، وإلى غزّة غزّاوي.
ومثل (الوحدوي) الجبهوي، جاء في ص 270 «تشيع كلمة جبهوي نسبة إلى جبهة، والنسبة إليها جبهيّ، وترى اللجنة قبول جبهويّ على أساس الفرار من اللبس، لأَنه قد يظن حين يقال: جبهيّ أنّ النسبة إلى جَبْه مصدر جَبَهَهُ إذا صَكَّ جبهتَه أو إلى جَبَهٍ من جَبِهَ إذا اتسعت جبهته، وسبق للمجمع أن أجاز في النسبة إلى لفظة (الوحدة) أن يقال: (وحدويّ) كما أجاز في النسبة إلى نظرية النسبيّة أن يقال نسبويّ».
والنسب (الجبهوي) تولد من النسب إلى (الجبها) لا (الجبهة)؛ إذ حذفت تاء التأنيث من (جبهة) ومطلت الفتحة تعويضًا، فلما نسبوا إلى (جبها) قالوا: جبهويّ وعرفوه بالجبهويّ.
وجاء في ص273 عن (الأَرَاضِي الرَّعْوِيَّة):
«تتردد كلمة (أراض رعْوِيَّة) في الصحف وقد يظن أن النسبة فيها غير صحيحة لأن القاعدة العامة في النسبة إلى كلمة «رعَى» الثلاثية أن يقال: «رَعْيِيٌّ»، وترى اللجنة أنه يمكن أن يسوَّغ استعمالها على أساس أنه جاءت في النسبة كلمات ثلاثية مختومة بالياء وقلبت فيها الياء واوًا مثل أُمَوِي وقَرَوي وحتى لا تلتبس اللفظة بكلمة «رَعَوِيٌّ» بفتح العين نسبة إلى الرَّعية».
والذي أميل إليه أنهم أرادوا التخلص من اجتماع المتماثلات؛ إذ كرهوا اجتماع ثلاث ياءات.