الخطابة فن قديم عرفها العرب وغيرهم في جاهليتهم, وهذه الوسيلة هي الأكثر انتشاراً والأقوى في الإقناع بالمبادئ والمذاهب وإثارة حماس الجمهور لفكرة, أو التهيؤ لحرب, أو غير ذلك.
الخطابة بعد الإسلام تغيرت فزادها الإسلام بلاغة وحكمة بما كان يتوخاه الخطباء من محاكاة أسلوب القرآن واقتباس الآيات القرآنية, كما أن للحديث النبوي نحو هذا التأثير, إضافة إلى أن الإسلام قد فتح المجال للخطابة فأوجب عليهم خطباً تقال على المنابر في المناسبات الإسلامية كجميع الأعياد.
والخطابة, تعريفاً, هي القابلية على صياغة الكلام بأسلوب يمكن الخطيب من التأثير على نفس المخاطب. وقد عرفها أرسطو بأنها (قوة تتكلف الإقناع الممكن).
أما أنواع الخطب فهي:الخطبة الدينية (الوعظية): ومحورها العام الموعظة الحسنة والتذكير بالله عز وجل. والخطبة الاجتماعية: موضوعها النكاح أو خطبة النساء. والخطبة الحفلية: في المحافل العامة وغرضها التكريم أو التهنئة. والخطبة القضائية: وتتلقى غالياً في المحاكم ويتولاها الخصوم. والخطبة الحربية: تلقى في ميادين الوغى ويتولاها القادة لترغيب الجنود في القتال. والخطبة السياسية: يلقيها القادة والزعماء وأغراضها شتى. والخطبة الدينية: مستحوذة على جميع أنواع الخطابة الأخرى لأن الدين الإسلامي ليس بمعزل عن ضروب الحياة وأنماطها المتعددة قال تعالى (ما فرطنا في الكتاب من شيء).
ومن أهم خصائص الخطابة: ألا تكون طويلة مملة, ولا قصيرة مخلة, بحيث تركز على الموضوع الرئيسي وتستوفيه حقه. وأن تكون ذات وحدة موضوعية. و ذات أسلوب مناسب لأحوال المستمعين. وحسن الاختيار الموضوع بألا يكون متكرراً. واستخدام الجمل القصيرة التي لا يقل فيها استخدام الروابط. والاعتماد على الجمل الإنشائية المثيرة والمجددة لنشاط المستمعين (الأمر- النهي- الاستفهام- التعجب- النداء). والاستشهاد بالآيات والأحاديث وأقوال الحكماء شعراً ونثراً والقصص والأحداث التاريخية للتدليل وأخذ العبر.
وفوائد الخطابة: أنها وسيلة تربوية وتعليمية وإعلامية, وأمر ونهي تزكي النفوس, وترفع الحق, وتزهق الباطل. و تهدئ الثائرين, وتوقظ الغافلين, وتنهي الاضطراب, وهذا جميعه يتجلى قصيرة, مثالها ما تكلم به الصديق- رضي الله عنه- بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. و اعتمادها على البلاغة في الكثير من المواطن مما يحصل بها التأثير الشديد في المواقف والأحداث.
و الخطابة من جملة ما ساعد على نشر الإسلام بين الناس, وكثيراً ما توقف فتح بلد أو حصن على خطاب يتلوه القائد على رجاله كما في الإسلامية. لذلك فإن من صفات الخطيب الناجح حتى يحقق التأثير والإقناع: أن يكون صوته جهوراً يمكنه من إسماع الحاضرين. و أن تكون مخارج الحروف سليمة. وأن يكون على علم ودراية بنفسيات المستمعين لمخاطبتهم بما يناسبهم. وأن يكون حسن المظهر. وأن يلون صوته حسب الموضوع, وحسب نوع الخطبة. و أن يكون جريئاً في مواجهة الناس, وإبراز تعابير الوجه, واستخدام الإشارات اللازمة باليد وغيرها وتوزيع النظرات في جميع الاتجاهات. و أن يمتلك عمقاً وإدراكاً وفهماً للحياة ومدى سبره لغورها وفهمه لأحوالها.
- د.طامي دغيليب