الكتابة في الغالب، هي حالة تجلٍّ للروح، يتم خلالها انتزاع الفكرة أو الاعتراف، وتدوينها على الأوراق، وقد كادت أن تظل لا شيء يذكر في طي الكتمان، أو تبقى في جنبات الروح نسياً منسياً.
لذلك فإن الكاتب الحقيقي لا يعبر جسراً عبره أحد قبله، بل يصنع جسره بنفسه، وهو يدرك جيداً أن جسره (الشائك) لا يمكن لأحد غيره أن يعبره من بعده، والكاتب الحقيقي لا يضع التساؤلات التي لم يستطع أحد ما أن يجيبها، لأنه لا يحب أن ينبثق من ذات الكينونة التي انبثق منها آلاف المفكرين، بل هو يطرح الإجابات التي نخشى أن نضع لها الأسئلة، أو تلك التي ولدت من جوف التعجب لا من رحم الاستفهام!
لذلك لا يمكن لي التصديق بحكاية «الكتابة المشتركة» بالأخص حين يكون ذلك في مجال الرواية، أي نعم قد يشترك كاتب وآخرون في تأليف كتاب نظري، أو كتاب قصصي كأن يكتب كل كاتب قصة معينة، أو نصاً واحداً لا يرتبط مباشرة بالنص الذي قبله ولا بالنص الذي بعده، لكن فكرة كتابة رواية بطريقة مشتركة بين عدة كتاب هي فكرة مستبعدة تماماً للأسباب المذكورة أعلاه، وإن تمت فإن العمل سيحفل بالكثير من المتناقضات وسوف يتوه بين عدة أرواح!
أقول هذا بعد أن عرفت أن هناك رواية تمت كتابتها بطريقة مشتركة، لم أصدق، فمهما تكن درجة الاتفاق على القصة والحبكة الدرامية، بل وحتى الأسلوب الأدبي بما يحتويه من صور بلاغية، إلا أن روح الكاتب لابد أن تتجلى، تلك الروح التي لا تقبل جناساً مع روح أخرى ولا طباقاً، تلك الروح التي تناقض نفسها، وتطرح الأسئلة، وتجيب، وتلك الروح التي تخطئ وتصيب وتتشكل من خلال أخطائها وصوابها شخصية صاحبها وإدراكه ووعيه.
التجربة في حقيقة الأمر صعبة، وأشعر بأن في الأمر استحالة «نجاح» لأن من يدرك ماهية الأرواح، فسوف يدرك حقيقة الاختلافات في العمل والنفس الروائي!
- عادل الدوسري
aaa-am26@hotmail.com
@AaaAm26