سمر المقرن
منذ سنوات، ونحن لا يكاد يمر شهر واحد إلا ونقرأ عن ضوابط وزارة الصحة فيما يخص لباس الموظفات، حتى إن وزارة الصحة حولت هذا الموضوع إلى «صجّة»، وأظنها لو قامت بالتركيز على مستوى الخدمات الصحية ومراقبة التجاوزات والأخطاء الطبية وأقسام الطوارئ ونقص الأدوية والمحسوبية في التوظيف والعلاج وغيرها، بنفس قوة تركيزها على لباس الموظفات، أجزم أننا سنكون في المستوى الأول على كل دول العالم. لا أدري لم تفتعل وزارة الصحة من وقت لآخر كل هذه «الصجّة» وكأنها لا تهتم إلا بهذا الجانب؟!
لست ضد تنظيمات الوزارة فيما يخص اللباس وضرورة الاحتشام، لكنني في الحقيقة أستغرب من الاهتمام المبالغ فيه، وملء صفحات الجرائد بهذه التحذيرات من وقت لآخر، وكأنها توحي بأن الموظفات غير محتشمات، الأغرب من هذا كلّه، أن الوزارة ذكرت ضمن التنظيم: (منع التجوّل في المرفق الصحي وخارجه بلباس العمليات).. في الحقيقة هذا غريب جداً، فالطبيبة أو الطبيب من حقه أن يخرج من غرفة العمليات بهذا اللباس ويقوم بتغييره في مكتبه أو عيادته، فمن غير المنطقي ولا المعقول أن يوضع لباس العمليات كمخالفة، وأجزم أن الوزارة لن تعتبر هذا مخالفة للطبيب أو الرجل بصفة عامة، إنما مغزاها (المرأة) كما قرأت في كل تنظيمات اللباس التي تُطلقها من وقت لآخر، ليس مقصود بها سوى النساء، وإن جاء التنظيم بصيغة عامة!
أعتقد أن المبالغة في نشر هذه التنظيمات من وقت لآخر ليس أكثر من «صجّة» تفتعلها وزارة الصحة، وبإمكانها أن تبعث بهذه التعميمات إلى المستشفيات والمراكز الصحيّة كتعميم داخلي، دون إشغال الجرائد بها. لأن القارئ لا دخل له بهذه الأمور، ولا يهمه إلا أن يجد المستشفيات التي تستقبله والمواعيد القريبة والأدوية التي يحتاجها، إنما اللباس والشكليات هي أمور يجب أن تحلها الوزارة داخلياً دون إقحام القراء بها!
في عنق وزارة الصحة كثير من الالتزامات التي لم توفِ بها للمواطنين، وما زال المواطن ينتظر أن تهتم به أكثر من اهتمامها بلباس الموظفات! وأن تقوم بتنفيذ الخطط والاستراتيجيات والأهداف التي أعلنت عنها كثيراً ولم نرَ منها شيئاً. وأن تهتم بالمناطق والمدن ذات الخدمة الضعيفة والتي يتكبّد المرضى فيها عناء السفر والتنقل والترحال بحثاً عن علاج. هذه الخدمات هي التي تحتاج إلى «صجّة» الصحة أكثر من اللباس والبنطال والخاتم والإكسسوار!