هالة الناصر
مهما تحدثنا عن رداءة المحتوى وهشاشة الفكر التي تسببت بها وسائل التواصل الإعلامي فلن نستطيع إيفاء الموضوع حقه من التحليل والتفنيد؛ كونه أمرًا شائكًا ومعقدًا نظرًا إلى أن الأغلبية داخل دائرة التأثير، ولا يدركون خطورة ما يحدث من الأخطار التي قد يسببها عدم الانتباه للأمر وإهماله حتى يصبح عصيًّا على الحال. الكارثة التي تهدد المجتمعات بسبب استفحال وسائل التواصل الاجتماعي، التي لم تكرس سوى للجهل والخزعبلات والفوضى. والأدهى والأمرّ هو انتشار الصبية والمراهقين الذين يقدمون لك تجاربهم في الحياة، ويقدمون لك النصائح، وكيف تتجاوز مصاعب الحياة وتتصالح مع الآخرين، وهم حتى على صعيد الآخرين لم يعرفوا سوى صديقين أو ثلاثة في حدود فصولهم الدراسية أو أبناء جيرانهم. كذلك يتم تداول الكثير من الخزعبلات الطبية والوصفات التي يقولون إنها مجربة، وفي حقيقة الأمر ما هي إلا وصفة تدمر الكبد أو الكلى؛ لتضطر هيئة الغذاء والدواء لترك عملها لمطاردة أولئك الجهلاء قبل أن يدمروا المجتمع كما يدمره الوباء لا سمح الله. مشكلة وسائل التواصل الاجتماعي أنها دمرت تواصلنا، وأصبحنا نتواصل مع بعضنا بطريقة غبية جدًّا، لا تتجاوز تبادل قوالب وتصاميم جاهزة، نرسلها في الصباح وكل جمعة حتى وصلنا إلى مرحلة نتندر فيها ونستهزئ بمن يفعل ذلك. ورغم ذلك ما زالت الظاهرة مستمرة حتى أنك تمل وتستاء كل صباح، وبالذات صباح يوم الجمعة، من كثرة هذه الرسائل وتكرارها ورتابتها. الكارثة التي ليس لها تفسير هو تبرُّع بعض الناس إلى تحويل بعض المقاطع إلى فضائح دون أن يستفيد شيئًا، مثل حادثة مقطع قيام مجموعة من الشيعة بالعبث والتكسير بممتلكات واستراحة شخص سني، وقيامهم كذلك بضرب ابن صاحب الاستراحة السني. انجرف الناس خلف تصديق الرواية التي لا يوجد في محتواها ما يثبت الكلام الذي انتشر مع المقطع. تم تبادل المقطع بكل غباء مع عدم وجود أي دليل في محتوى المقطع، ولم يفكر الذين يتبادلونه بأنهم يرتكبون ظلمًا فادحًا، ويشاركون في تأجيج فتنة طائفية، دمرت بلدانًا عربية بجانبنا، ولم يستفد منها أي طرف سوى أعداء الأمة الإسلامية. كذلك مقطع شاب يضرب أمه.. انتشر المقطع بشكل رهيب، وبدون مراجعة للضمير والعقل لعدم وجود أي دليل على أن الشاب يضرب أمه، ولاسيما أن المقطع لم يكن واضحًا من الأساس حتى يمكن من خلاله سماع أي كلمة تثبت أن هذا الشاب يضرب أمه.
لا بد من قيام جهات مسؤولة في المجتمع بحماية المجتمع من وسائل التواصل الاجتماعي والعالم الرقمي الذي أخرجنا من الواقعية، حتى أصبحنا نصدق أي شيء بسذاجة ودون تفكير في حالة تشبه التنويم المغناطيسي!.