باماكو - خاص بـ«الجزيرة»:
أعلن الأمين العام لاتحاد علماء إفريقيا ومدير جامعة الساحل في باماكو الدكتور سعيد محمد بابا سيلا عن البدء في مشروع مقر اتحاد علماء إفريقيا المتضمن مبنى وقفيا بموقع ممتاز في عاصمة جمهورية مالي «باماكو»، والمقدّم كمنحة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله.
وكشف الأمين العام لاتحاد علماء إفريقيا في حواره مع «الجزيرة» تميز خريجي الجامعات السعودية من إفريقيا وبالذات من ذوي التخصصات الشرعية حيث إن لهم أثراً بارزاً في كل المجتمعات الأفريقية، ولهم دور كبير في اتحاد علماء إفريقيا من الفكرة إلى التأسيس.
وقال د. سعيد سيلا المتخصص في التفسير وعلوم القرآن والمهتم بإحياء سنة الوقف في إفريقيا إننا نعمل على تصحيح المعلومات المغلوطة عن الإسلام وذلك عبر وسائل الإعلام الحديث من الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي من خلال خمس لغات وحسابات في شبكات التواصل، مشيراً إلى التحديات والصعوبات الكثيرة في المجتمعات الأفريقية، والسعي إلى صد الطرق أمام الأفكار المنحرفة. كما تناول الحوار عددا من الموضوعات المتعلقة بالقارة الإفريقية.. وفيما يلي نص الحوار:
* يعد اتحاد علماء إفريقيا حديث النشأة، فما أبرز برامجه التي تخدم المسلمين في القارة الأفريقية؟
- اتحاد علماء إفريقيا حديث النشأة بالنظر إلى عمر الهيئات والمنظمات؛ ومع ذلك فإن هناك برامج ذات أهمية قصوى يعمل الاتحاد على تنفيذها لخدمة المسلمين في إفريقيا؛ ومن أبرز تلك البرامج:
- تعزيز التواصل بين العلماء عبر القارة لتنسيق الجهود وتبادل الخبرات واتخاذ المواقف الموحدة حيال القضايا.
- إعداد الجيل الثاني من العلماء والدعاة في إطار العمل المؤسسي الجماعي للوقوف أمام التحديات التي تواجه القارة عموماً؛ كقضايا الأمن والتعايش السلمي والتنمية.
- توجيه المجتمعات الإسلامية في إفريقيا في القضايا العامة نحو الموقف الصحيح من الإسلام في تلك القضايا؛ وحمايتها من الأفكار المنحرفة.
- تيسير الوصول إلى الفهم الصحيح للإسلام بكل اللغات الإفريقية من خلال برامج الترجمة بالتعاون مع الجهات الخبيرة في الداخل والخارج.
* إيجاد مرجعية إسلامية تعبر عن المسلمين في القارة أمام المؤسسات والهيئات العلمية والأكاديمية والرسمية والدولية.. هدف رئيسي مهم هل تم تحقيقه الآن ؟
- تم تحقيق هذا الهدف إلى درجة كبيرة مقارنة بحداثة نشأة الاتحاد؛ فالاتحاد كان الجهة المرجعية في إظهار الموقف الصحيح للإسلام في قضايا كثيرة تمس القارة بأكملها؛ مثل حركات الغلو والتطرف المنسوبة إلى الإسلام؛ ومكافحة الأوبئة مثل: مرض الإيبولا؛ وتوضيح موقف الإسلام الداعم لبرامج التطعيم؛ ومكافحة الأفكار المنحرفة؛ والأحداث الجارية في بعض البلاد مثل إفريقيا الوسطى وأنغولا ومالي؛ وفي إطار ذلك كان هناك تواصل بين الاتحاد والمنظمات الإقليمية والحكومات وهيئات المجتمع المدني.
* ما دور العلماء المسلمين في تحقيق السلم وحفظ الهوية بإفريقيا ؟
- دور العلماء محوري في تحقيق السلم وحفظ الهوية في إفريقيا؛ فمعظم هذه المجتمعات ولاسيما المسلمة منها للعلماء مكانة لدى المجتمع والسلطات؛ مما يجعلهم في مقدمة الجهود لتحقيق السلم والحد من النزاعات سواء القبلية أو العرقية أو الدينية أو السياسية؛ وكذا مواجهة التيارات الهدامة الموجهة إلى القارة.
* على مدار سنوات ماضية تخرج من جامعات المملكة المئات من حملة العلوم الشرعية.. ترى ما أثرهم في الساحة الإفريقية، وكيف يمكن الإفادة من المتميزين منهم في الاتحاد؟
- خريجو الجامعات السعودية من إفريقيا يعدون بالآلاف؛ ولكون غالبهم من ذوي التخصصات الشرعية نجد أثرهم بارزا في هذا الجانب في كل المجتمعات الإفريقية سواء ذات الغالبية المسلمة أو الأقليات فيما يتعلق بالجوانب الدعوية والتعليمية الإسلامية فهم الرواد في هذا الميدان؛ ويتبؤون الكثير من المناصب المتعلقة بهذا الجانب؛ والواقع يشهد لذلك.
ونظراً إلى هذا الواقع كان للخريجين من جامعات المملكة دور بارز في إيجاد اتحاد علماء إفريقيا من الفكرة إلى التأسيس فالتسيير؛ والمتميزون منهم هم قادة الاتحاد بحكم مكانتهم وتأثيرهم في مجتمعاتهم وليس بسبب انتقاء راجع إلى جهة دراستهم؛ ويقومون بهذا العبء في تحقيق رسالة الاتحاد بالتعاضد مع إخوانهم ممن درسوا في جامعات دول أخرى أو عبر الحلقات العلمية الراسخة في بعض دول القارة ذات المكانة العلمية التاريخية الشهيرة.
* تواجه القارة الأفريقية تحديات وصعوبات كبيرة جداً وبالذات ما يتعلق منها بالشأن الإسلامي.. هل خططتم للحد من تلك التحديات، وما أبرز الجهود المبذولة ؟
- وجود هذه التحديات والصعوبات الكثيرة في المجتمعات الإفريقية كان من دواعي تأسيس هذا الاتحاد؛ ورؤية ورسالة الاتحاد تهدف إلى الحدّ من هذه التحديات والصعوبات بل والقضاء على ما يمكن القضاء عليه؛ ومن أبرز الجهود المبذولة في هذا الجانب إبراز المواقف الصحيحة للإسلام حول القضايا العامة وصد الطرق أمام الأفكار المنحرفة التي تستهدف الإسلام الصحيح المبنية على الوسطية؛ وفي إطار ذلك عقد الاتحاد مؤتمرات وأصدرت بيانات عديدة ونظمت ندوات في عدد كبير من الدول وتواصلت مع الكبير من الجهات؛ وهو عمل مستمر لا يتوقف.
* يحاول الإعلام الغربي اليوم أن يشوه صورة الإسلام، كيف نستطيع أن تقدم الإسلام الصحيح وما وسائل ذلك؟
- الطريق إلى مواجهة هذا التشويه هو نشر العلم والوعي أولاً بين المسلمين أنفسهم حتى لا تكون السلوكيات المنحرفة من بعض المسلمين دعامة لهؤلاء لتشويه الإسلام؛ وثانياً إبراز الموقف الصحيح من الإسلام في كل القضايا التي تمس المجتمعات ونشرها لدى الجهات الإعلامية والأكاديمية؛ ومن أبرز وسائل ذلك استخدام وسائل الإعلام المختلفة ولاسيما الإعلام الحديث من الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي؛ وقد اهتم الاتحاد بهذا الجانب حسب الإمكانيات المتاحة؛ من خلال موقعه على الإنترنت بخمس لغات وحساباته كذلك في شبكات التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية التي تبث باللغات المحلية ويشرف الاتحاد على سير برامجه.
* الوقف ركيزة أساسية في العمل الإسلامي، وأنتم من المهتمين بهذا الشأن.. ماذا عملتم في اتحاد علماء إفريقيا لتعزيز الوقف في القارة الإفريقية؟
- فعلاً الوقف جانب محوري جداً في العمل الإسلامي والاستدامة المالية للمؤسسات والجهات الإسلامية بل وكل مجالات الدعوة.
وفي اتحاد علماء إفريقيا نعمل على مسارين من أجل إحياء وتفعيل سنة الوقف في إفريقيا؛ أولهما: إيجاد الأوقاف للاتحاد لتكون نموذجا يستفاد منها للهيئات والجهات المحلية الإسلامية؛ ويوجد في مشروع مقر اتحاد علماء إفريقيا مبنى وقفي في موقع ممتاز في باماكو عاصمة جمهورية مالي حيث مقر الاتحاد؛ والمشروع سيبدأ قريبا بإذن الله؛ وهو منحة من الملك الراحل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله.
والمسار الثاني: العمل على إيجاد أو تحسين القوانين واللوائح المتعلقة بالأوقاف في الدول الإفريقية من خلال التواصل بالجهات المختصة؛ ونقل الخبرات ما بين القائمين على القوانين في تلك الدول؛ وفي ذلك نحتاج إلى الاستعانة بخبرات الهيئات والجهات العالمية المتخصصة في الأوقاف؛ ولنا تواصل فعلا مع جهات في هذا الجانب المهم.
* ما دور العلماء والدعاة في مواجهة فتاوى المتشددين والإرهابيين ؟
- دور العلماء والدعاة هو المواجهة بنشر العلم وإصدار الفتاوى المدعمة بالأدلة ونسف شبهات أصحاب التشدد والغلو الذين أضروا بالمسلمين كثيرا في هذه الفترة في الدول الإفريقية؛ والعلماء يجب أن يسخروا إمكاناتهم في مواجهة هذه الآفة ونظيرها أيضا في الجانب الآخر وهو تمييع الإسلام وطمس معالمه بالأفكار التغريبية الإباحية أو أعمال الشعوذة والخرافات والدجل.
* ما الجديد لديكم ولم يعلن بعد ؟
- الدورة الخمسية الأولى لاتحاد علماء إفريقيا كانت للإنشاء والتأسيس؛ انضم فيها إلى الاتحاد 317 عضوا من 42 دولة؛ ونحن نستعد للمؤتمر العام لبدء دورة خمسية ثانية ستكون بإذن الله للبناء والتطوير لاستكمال الوصول إلى الرؤية وأداء الرسالة وتحقيق الأهداف؛ وهذا المؤتمر سيتزامن بإذن الله مع وضع حجر الأساس لمشروع بناء مقر اتحاد علماء إفريقيا في حفل يسجل بإذن الله في تاريخ القارة.