قبل أكثر من 20 عاماً وتحديداً في عام 2006م عقد في مدينة أبها أول مؤتمر للسياحة الداخلية برعاية الأمير سلطان بن عبد العزيز -رحمه الله-، وقد تمخض عن هذا المؤتمر التوصية بإنشاء هيئة للسياحة، وفي هذا العام 2017 تحتفل أبها باختيارها عاصمة للسياحة العربية، وبين مؤتمر أبها قبل نحو 20 عاماً واحتفالية أبها هذا العام قصة رحلة السياحة السعودية بدأت فيها مثقلة بالصعوبات والطموحات وانتهت هذا العام بحزمة من التنظيمات والإنجازات.
وكانت مرحلة تأسيس قطاع السياحة مع تأسيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني (الهيئة العليا للسياحة) والتي كلفت من الدولة بتأسيس وتنظيم القطاع، ووضع الإستراتيجيات والأنظمة لانطلاقته، وهو ما كان في السنوات الأولى من عمر الهيئة التي تأسست في العام 2001م، حيث تمكنت من إتمام جميع متطلبات البناء النظامي، ونجحت في أحداث تحول في عدد من المسارات الصعبة، ومن أبرزها نظرة المجتمع للسياحة وللآثار والتراث وإعادة المكان إلى الإنسان.
إستراتيجية للسياحة بمشاركة 621 مؤسسة
كانت من أوائل مهام تأسيس القطاع التأسيس لمشروع متكامل للسياحة الوطنية من خلال وضع إستراتيجيات للتنمية السياحية مداها عشرون عاماً، وخطط تنفيذية خمسية لكل منطقة من مناطق المملكة، وذلك بالتعاون المباشر مع الأجهزة والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص في تلك المناطق.
وتضمنت المرحلة الأولى إعداد الإستراتيجية العامة لتنمية السياحة الوطنية التي اشتملت على (15) تقريراً أساسياً لمختلف جوانب التنمية السياحية، تم فيها استكشاف وحصر الموارد والمقومات السياحية في المملكة، وكذلك تشخيص المحددات والمعوقات التي تعاني منها صناعة السياحة، وقد أقرت الإستراتيجية من مجلس الوزراء الموقر بتاريخ 24-1-1425هـ.
فيما تضمنت المرحلة الثانية من مشروع تنمية السياحة الوطنية الخطة التنفيذية الخمسية، والتي طرحت الهيئة من خلالها برنامج عمل متكامل اشتمل على (8) تقارير أساسية، عُنيت بتنفيذ توصيات الإستراتيجية العامة ونتائجها.
أما المرحلة الثالثة فتضمنت إستراتيجيات التنمية السياحية في المناطق، حيث أكملت الهيئة إعداد إستراتيجيات للتنمية السياحية مداها عشرون عاماً، وخطط تنفيذية خمسية لكل منطقة من مناطق المملكة، مع ربطها بالإستراتيجية العامة لتنمية السياحة الوطنية وخطتها التنفيذية، وذلك بالتعاون المباشر مع الأجهزة والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص في تلك المناطق.
في حين تضمنت المرحلة الرابعة تنفيذ إستراتيجيات التنمية السياحية في المناطق، حيث ركزت تلك المرحلة على تنفيذ مشاريع وبرامج الخطط التنفيذية لإستراتيجيات المناطق بشكل منظم ومنضبط بهدف النهوض بالسياحة الداخلية، وتطوير الوجهات السياحية في مناطق المملكة المختلفة.
وقد استغرق إعداد مشروع تنمية السياحة الوطنية (47) شهراً من العمل المكثف، وأسهم فيه (621) مؤسسة حكومية وخاصة، و(295) موظفاً ومستشاراً وطنياً، و(217) استشارياً دولياً.
21 قراراً من الدولة لدعم القطاع
وحظيت قطاعات السياحة والتراث الوطني بدعم الدولة بعدد من القرارات وصلت حتى الآن 21 قراراً، بهدف تمكينها من أداء أدوارها في العناية بالتراث الوطني وترسيخ المواطنة، وتمكين النشاط السياحي، بوصفه قطاعاً اقتصادياً رئيساً يسهم بدور كبير في تنمية المناطق وإيجاد فرص وظيفية للمواطنين.
ومن هذه القرارات: تنظيم الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني (1429هـ). نظم الآثار والمتاحف والتراث العمراني (1436هـ). نظام السياحة (1436هـ). الإستراتيجية العامة لتنمية السياحة الوطنية (1425هـ)، الإستراتيجية الوطنية لتنمية الحرف والصناعات اليدوية (1433هـ). إستراتيجية التنمية السياحية لمحور البحر الأحمر (1429هـ).
ارتفاع الإيرادات السياحية إلى (166.8) مليار ريال
وخلال هذه الفترة تضاعف إسهام السياحة الوطنية في الناتج المحلي الإجمالي، كأحد أكثر القطاعات الاقتصادية غير البترولية نمواً، فقد ارتفعت الإيرادات السياحية إلى (166.8) مليار ريال في نهاية عام 2016م، وفقاً لإحصاءات مركز المعلومات والأبحاث السياحية (ماس) التابع لهيئة السياحة والتراث الوطني.
وبلغ عدد الرحلات السياحية المحلية في المملكة: 47.5 مليون رحلة بحجم إنفاق 44.9 مليار ريال.
وشهد قطاع الإيواء السياحي بكل فئاته نمواً سريعاً فاق النمو المتوقع للطلب، حيث تضاعف عدد المنشآت السياحية المرخصة منذ بدء إشراف الهيئة على قطاع الإيواء في عام 2009م، فارتفع عددها من (1402) منشأة إلى أن بلغ عددها في نهاية عام 2016م (6454) منشأة، بنسبة نمو (300%)، خلال هذه الفترة.
وزاد عدد الشركات العالمية الدولية لتشغيل الفنادق من (8) شركات في عام 2002م، إلى أن بلغ عددها الآن (25) شركة دولية بنسبة نمو (300%)، وتضاعف عدد العلامات الفندقية السعودية ليصبح الآن (7) علامات فندقية سعودية.
كما زاد عدد العاملين في قطاعات صناعة السياحة المباشرة من (333) ألف سعودي في العام 2004 إلى أن بلغ أكثر من (936) ألف سعودي، بنسبة نمو (181 %) مقارنة مع العام 2004م، ومن المتوقع أن يزيد عدد الفرص الوظيفية إلى (1.2) مليون وظيفة بحلول عام 2020م. وبلغت نسبة التوطين في الوظائف السياحية المباشرة 28 % عام 2016م، ومن المتوقع أن تزيد النسبة بحلول عام 2020م إلى 30 %
وعلى مستوى الأنظمة واللوائح، شهدت السنوات الماضية تطوراً سريعاً في الموافقة على الأنظمة واللوائح المتعلقة بالسياحة والتراث الوطني، حيث صدرت موافقة المقام السامي الكريم على عدد من القرارات المهمة للهيئة، من بينها: اعتماد نظام للسياحة، واعتماد نظام للآثار والمتاحف والتراث العمراني، واعتماد نظام للمشاركة بالوقت في الوحدات العقارية السياحية، والتوجيه بدراسة مشروع نظام للحرف والصناعات اليدوية من الجهات العليا.
وخلال هذه الفترة تم تأسيس عدد من البرامج والمراكز المتخصصة في أنشطة ومجالات السياحة والتراث الوطني وهي: مركز التراث العمراني الوطني، البرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية (بارع)، البرنامج الوطني للمعارض والمؤتمرات، برنامج العناية بالمساجد التاريخية بالشراكة مع الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد.
كما تم إنشاء ثلاث جمعيات سياحية هي: (الجمعية السعودية لمرافق الإيواء السياحي، والجمعية السعودية للمرشدين السياحيين، والجمعية السعودية للسفر والسياحة)،. جمعية المعارض والمؤتمرات، وجمعية الحرف والصناعات التقليدية.
وضمن مبادرات الهيئة في برنامج التحول الوطني أقرت الدولة أخيراً برنامجين رئيسين لتمويل مشاريع السياحة والتراث الوطني هما:
- مبادرة إقراض المشاريع السياحية والفندقية مع وزارة المالية بمبلغ 2.7 مليار ريال.
- مبادرة ضمان التمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة مع برنامج كفالة بمبلغ 270 مليون ريال تضخ في رأس مال البرنامج وينتج عنها تمويل يصل إلى 1.5 مليار ريال.