عبد العزيز بن علي الدغيثر
بصراحة، لا يوجد فريق من فِرق دوري جميل يستحق البطولة سوى فريق الهلال الذي بدأ قويًّا بالرغم مما تعرض له من هزات وخسارتين من أمام الاتفاق والاتحاد كليهما على أرضه، ولكن لم تتشتت أفكار منسوبيه، ولم تهتز الثقة في لاعبيه، ولم تتخذ الإدارة قرارات عشوائية؛ فاستمر التميز، وأصبح يتجاوز المنافسين الواحد تلو الآخر، واستطاع أن يثأر لخسارته من الاتحاد، ويفوز عليه في جدة، ويُلحق به الأهلي، وأيضًا في جدة على أرضه، ولم يكن هناك أي معوقات أو مشاكل توقف مسيرته، وتعادل مع منافسه التقليدي النصر، وكان الأفضل، ولكن لم يستطع الفوز بسبب أن زوران المدرب العبقري استطاع أن يسيِّر اللقاء حسبما يريده، ومع ذلك، ورغم التعادل مرة أخرى مع الأهلي في الرياض، وتأجيل الحسم، جاءت موقعة الشباب، وأنهى كل التكهنات، وألغى جميع الحسابات، وحسم البطولة قبل النهاية بجولتين، وعاد للبطولة من جديد بعد غياب خمسة مواسم، وفي الأسبوع نفسه، وخلال أيام من إعلانه بطلاً لدوري جميل، يعلن تأهله لدوري الستة عشر آسيويًّا بتعادل مع بيرسبوليس الإيراني في لقاء حصل الزعيم السعودي فيه على ما يريد، ويتصدر ويتأهل رغم أنه لم يظهر بما كان متوقعًا، ولكن حصل على المهم والأهم.. واليوم يجب على كل منصف أن يرفع القبعة احترامًا وتقديرًا لفريق (بالفعل) زعيم قولاً وفعلاً، بطل لدوري بلده، وينافس آسيويًّا، وكذلك مستمر في المنافسة على كأس الملك، وهذا لم يأتِ من فراغ؛ فبالتأكيد كان هناك عمل وتضحيات وتكاتف، وقبل كل شيء العمل بقلب رجل واحد، وهذا ما يتميز به الهلال عن غيره.. وبعكس كل الأندية التي تتفنن وتتميز بنشر غسيلها وتناحر منسوبيها عبر المنابر الإعلامية، أو مواقع التواصل الاجتماعي.. ولا أبالغ إذا قلت إن كل الأندية في هذا الموسم شهدت شدًّا وجذبًا وتغييرًا إداريًّا وفنيًّا دون استثناء، ما عدا الهلال الذي كان مستقرًّا فنيًّا وإداريًّا، وسمح لمن لا يريد الاستمرار بالرحيل بكل هدوء.. هنا يكتمل تميُّز الزعيم، ويسطع بدره، ويحقق بطولة الدوري 14 مرة في تاريخه تاركًا الجميع من خلفه بعدد كبير وشاسع من النقاط والألقاب.. فمبروك وألف مبروك، و(يستاهل) الهلال البطل كل ما حصل عليه.
النصر تاريخ فقط
لا أعتقد أنني قد بالغت عندما ذكرت يومًا أن نادي النصر في ذمة الله، ولا يمكن لي القول اليوم إنه منهار أو في نفق مظلم؛ لأن من ذهب في ذمة الله لا يمكن أن يعود، وما على أهله وذويه إلا الصبر والانتظار؛ لكي يرزقهم الله مولودًا جديدًا، يطرح الله فيه البركة، وهذا ما ينتظره جماهير الشمس العاشقة التي دفنت نصرها، وترحمت عليه، وتنتظر مولودًا جديدًا، يمُنُّ الله به عليهم.. واليوم الكيان لم يعد يحفظ إلا التاريخ الناصع بالإنجازات ورجاله الأوفياء، منهم من رحل بجوار ربه، ومنهم من هو موجود، ولا حول له ولا قوة، وكذلك جماهيره العاشقة التي هجرته، وهجرت مبارياته ومدرجها الشمالي، وأصبحت رهينة الاستراحات والمقاهي، تسلي نفسها بدوريات أخرى ومباريات أفضل.. ولن أتطرق لإثباتات وبراهين مرة أخرى؛ فقد ذكرتها مرات عدة، وملعبا الملز والدرة أكبر دليل وشاهد على كل شيء، فالحمد لله من قبل ومن بعد، فلدينا ناد اسمه النصر، لم يعد يوجد به إلا ذكرياته وتاريخه وجمهوره الخارج عن التغطية بعدما قهروه وجعلوه بعيدًا عن حبه الذي رحل بدون رجعة، وينتظر مولودًا جديدًا، عسى ربي أن يرأف بحالهم، ويرزقهم على نياتهم، ويعوِّضهم خيرًا فيما فقدوه.
نقاط للتأمل
- هل يعقل أن قضية عادية وعابرة، ودائمًا ما تحدث في جميع دول العالم، تُحدث كل هذا الشرخ داخل أروقة اتحاد اللعبة، وتحديدا إدارة الاحتراف؟! ولكن ينطبق المثل الشعبي الذي يقول (طالت ومصخت). وحقيقة، لا أجد مبررًا منطقيًّا لكل هذا الغموض والاجتماعات والطرح.. فقط ما عليك إلا أن تطبِّق القانون واللوائح على الجميع، ولن يكون هناك أي اعتراضات أو احتجاجات إذا ما كانت حسب النظام، ولكن دائمًا ما يكون الغوص السمة الأبرز في قضايانا الرياضية. سبحان الله.
- يقول أحد لاعبي فريق الباطن بعد المباراة التي خسرها النصر بنتيجة كبيرة، قوامها أربعة أهداف: «احترمنا النصر في الشوط الأول أكثر من اللازم». هذه العبارة وهذا التصريح ما كان يقال عندما كان النصر على قيد الحياة، ومن لاعب مغمور، لا يعرفه أحد، وفريقه حديث عهد بدوري المحترفين، ولكن لأن النصر متوفَّى، وفي ذمه الله، أصبح الكل يتطاول عليه، ويقلل من قيمته، والبركة في الإدارة.
- يظل فريق الأهلي هذا الموسم لغزًا محيرًا، خاصة إذا ما كان المدرب هو من حقق الدوري، واللاعبون لم يتغيروا، ولكن كل شيء تبدَّل في الأداء والروح والقتالية.. وخسروا الدوري، وخسروا كأس ولي العهد، وأصبحت لهجة اللاعبين ومنسوبيه منصبة على آسيا، ولكن بعد سقوطه أمام الفريق الأوزبكي بهدفين نظيفين دون أن تحرّك في مياه الفريق الراكدة أي ردة فعل تُطمئن جمهوره.. فقط النغمة تدور حول تغيير المدرب قروتس الذي لا أعتقد أن الوقت مناسب لتغييره في نهاية الموسم، ويجب أن يكون التجديد مع بداية الموسم الجديد.
- (كلما قلت هانت جد علم جديد) هذا هو حال نادي الاتحاد السعودي وإدارته وجماهيره، وأصبحت إدارة النادي في حيرة من أمرها؛ فلم تعد تستطيع التوفيق بين المشاكل الداخلية والدولية، وكان آخر المطالبات الداخلية إلزام فض المنازعات في الاتحاد السعودي إدارة نادي الاتحاد بدفع 14 مليون ريال لنادي هجر في الوقت نفسه الذي حصل فيه أحد وكلاء اللاعبين على حكم من قبل الاتحاد الدولي «فيفا» بدفع أكثر من مليون وستمائة ألف دولار في قضيتي اللاعبين سوزا وأنس الشربيني ووكيل أعمالهما غسان واكد، وهذا يؤكد أن الإدارات السابقة لم تقم بالوفاء بما عليها، فقط تسجل للمستقبل. الله المستعان.
خاتمة:
(بعض الناس تركوا في نفسي تجربة، علمتني كيف أتجنب أمثالهم في المستقبل).
وعلى الوعد والعهد معكم أحبتي عندما أتشرف بلقائكم عبر جريدة الجميع (الجزيرة)، ولكم محبتي، وعلى الخير دائمًا نلتقي.