فيصل خالد الخديدي
إن الدخول إلى عالم فهد الحجيلان الفني يتطلب الكثير من الإحساس وأيضا الحذر والحيطة فهو عالم شفاف غني عميق يتجاوز سطح اللوحة التشكيلية والفردانية والموضوعاتية ليدخل في الذات الإنسانية بمختلف حالاتها بين فرح ومعاناة فتظهر ملامح الوجوه عنده بإنسانية وضاءة مبهجة رغم الألم وتتلاشى تفاصيلها تارة في سطوح الصفيح وتعود وتتشكل من جديد في مساحات مشرقة بنور من لون.
الذاكرة اللونية للفنان فهد الحجيلان ثرية غنية بكثير من التنوع فهي تستدعي أكثر من أفق وتتلون بحضارة إنسانية متنوعة عاشها الفنان منذ طفولته بين مصر التي حمل كثير من الحنين ومن تفاصيل الحياة واليوميات فيها بأعماله، وبين السعودية التي تنقل فيها من الوسط للأطراف لينسج شخصيته الفنية الذاتية التي تنتمي للهوية الإنسانية متجاوزة الأطر المكانية والحدود الزمانية فأصبح للون هوية أخرى مع فهد قدمه بمساحاته المتسعة، لوناً دسماً غنياً كنكهة الصفاء وتباينه به كثير من الانسجام، فبين رماديات تحمل كثير من الحنين والعاطفة إلى المساحات المتباينة والمتكئة على نسيج لوني أحادي يجعل من تباينها توافق منسجم ومريح للعين ومعبر بهدوء.
أما بنائية العمل عند فهد الحجيلان فهي بنائية متماسكة تقوم على كثير من الجرأة والاتساق فيما بين مساحاتها وعناصرها التي عادة ما تكون قليلة المفردات والتفاصيل مليئة بالإحساس واللون فعمق طرح الفنان فهد جعلت ملامح وجوه أعماله محملة بكثير من البوح الإنساني التي تشي بها أعين شخوصه وملامح إناث أعماله وحتى في تجريد مفرداته يبقى الإحساس حاضراً بذات الروح التي تملكها عناصره وأشكاله غير المجردة فهو تجريد مبني على أساس من الطرح المتأصل في المفردة العضوية والمبني على تلخيص من خبرة وإتقان في التشريح والمنظور وأساسيات اللون والضوء والظل فموهبة فهد الفطرية صقلت بدراسة أكاديمية وممارسة مستمرة جعلت من أعماله أيقونات جمال محملة بكثير من الصدق والإحساس وثقافة الفنان أيضاً دعمت أعماله وبرزت من خلال طرحه على مستوى الأعمال وحتى على مستوى اختياراته لفكر وأسماء معارضه الشخصية والتي منها: (بكاء الألوان.. سنوات الصفيح... عصفور البرد.. نستولوجيا وغيرها من المسميات والأعمال التي تؤكد أن فهد الحجيلان فنان متمكن على قدر كبير من الشفافية والإحساس.