ميسون أبو بكر
أجمل ما في الدنيا أن يذكرك الأصدقاء بهدية وأنت غافل تتسلق سلماً في الغيب، لتجدهم هناك ينتظرونك فوق إحدى الغيمات، على ربوة غيمة مباركة حملت وجوها من الأصدقاء المحفوفين بالفرح.
الأصدقاء الذين يشكلون انتصارك مع الحياة ومكسبك، وهم رهانك الرابح، وسعادتك التي تبدأ بها الصباحات وتمسح التعب عن جبينك كلما لاح في الأفق ما يعكر صفوك.
الأصدقاء الأصدقاء.. وقود الحياة.. رفقاء درب قد تكون مفروشة بالورود أو محفوفة بالصبر والعناء والكمد، فتعبر على أجنحتهم البيضاء جزر النجاة وشواطئ الاحتفاء بأنفاس الآتي.
ألوح لهم بكف القلب وسلاماً سلاماً على المارين من ضفاف العمر، الوارفين كأشجار غابات استوائية. يهطل مطرها على مدار الفصول لتخضرّ حقول الروح وترتوي حباً وخيراً.. الماضين فخرا في دربنا، ننتعش بقربهم ونورق بحضورهم.
إلى تلك الباهية حسنا الشاعرة فوزية أبو خالد والتي كلما أغمضت عيناً استفقت على إيقاعها الشجي بدعوة إلى إحدى موائد الفكر والجمال، حيث جمعتني الأحادية التي تقيمها مع زميلاتها بالمرأة التي ملأت الدنيا سامية العمودي، فتحدت المرض الخبيث، وناضلت؛ سلاحها الإيمان بالله ثم الفرح والتفاؤل لتكون نموذجا لكل من تابعها ولكل من كمدت قصتها حكاية ألم مماثلة عاشها.
من زوادة الأصدقاء الرجل الذي صافحت فكره ذات سفر على منصة جامعة جنيفا في سويسرا وهو يقدم ورقته عن المحتوى في الإعلام الجديد سمو الأمير نايف بن ثنيان آل سعود، والذي أعتز به أكاديميا وباحثا وإنسانا خلوقا متواضعا، تحفزنا قضايا الوطن ورؤية البلاد على الحديث والتقاء فكرنا وآمالنا وآرائنا أيضا.
الحياة محطات كثيرة وقليلون هُم من نملأ حقائبنا بصداقاتهم المعمّرة الباقية التي تضاف إلى أرصدتنا وكنوزنا الثمينة، وفِي فضاء الإعلام هناك نجوم يتناثر رمادها لتنير رقعة أكبر من القلب، فشكرا للإعلامي الجميل الصديق هاني شحيتان الذي أنير مسيرتي بأفكاره المستنيرة، والتحايا للإعلامية المعروفة هالة الناصر والكاتبة الجميلة صيغة الشمري على ما غمروني به بمناسبة مرور 13 عاماً وإنجازي أكثر من 1700 حلقة تلفزيونية للتلفزيون السعودي، هؤلاء من تنقش أسماؤهم بأحرف من ذهب في صحاف الذاكرة، هم أصدقاء الفرح، رفقاء المسيرة، أسبح في فضاءات فكرهم كما المراكب الباحثة عن أفق أرحب لمزارات سابحة في الفضاء.
شكرا لأصدقاء فرحي الذين أبوا إلا أن يشاركوني الميلاد الجديد لسنة أخرى في العمل الإعلامي ذي الرسالة السامية التي تحمل وطنا بين خافقي ونصب عيني.
من آخر البحر نزار قباني أيضا
ذا ما جلستِ طويلاً أمامي
كمملكةٍ من عبيرٍ ومرمرْ..
وأغمضتُ عن طيّباتكِ عيني
وأهملتُ شكوى القميص المعطّرْ
فلا تحسبي أنني لا أراكِ
فبعضُ المواضيع بالذهن يُبْصَرْ
ففي الظلّ يغدو لعطرك صوتٌ
وتصبح أبعادُ عينيكِ أكبر
أحبّكِ فوقَ المحبّة.. لكنْ
دعيني أراك كما أتصوّرْ..