«الجزيرة» - عبدالعزيز بن سعود المتعب:
الأخ جزء لا يتجزأ من أخيه، والمجتمع السعودي الكريم الذي يستمد كل تفاصيل حياته من مصادر التشريع الإسلامي ثم مكارم الأخلاق النبيلة والعادات الفاضلة التي أعطى كلٌّ منها -على حدة- للأخوة مكانة كبيرة، كل ذلك يفضي إلى أن للفقد ألمه الذي يتقزّم أمامه الوصف المؤلم، ولكنها إرادة الله جلّت قدرته، القائل في محكم تنزيله: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} (156) سورة البقرة.
وفراق الموت هو الفراق الذي لا لقاء بعده في الحياة الدنيا.. فكيف إذا كان وقعه على متفرّد في إحساسه العالي كشاعر كبير مثل الأمير خالد الفيصل الذي ارتقى بذائقة جيل بأسره من نمير روائعه في الشعر الأصيل، حتى أضحى لكل رفاع الذائقة ذكريات لا تنسى مع تداعياته، وأخيلته، ورموزه، وصوره.. وقد تداولت وسائل التواصل الاجتماعي صورًا مؤثرة جدًا له على فراق أخيه الأمير سعد الفيصل -رحمه الله- وتفاعل الجميع مع هذا المشهد المؤثر.
يشار إلى أن الأمير سعد الفيصل -رحمه الله- كان له حضوره الموثق في قصائد الشاعر الأمير خالد الفيصل على تنوع موضوعاتها، منها أبيات قصيدة كان قد كتبها الأمير الشاعر خالد الفيصل منذ سنوات قليلة ماضية، حينما أجرى الأمير سعد الفيصل -رحمه الله- عملية جراحية في القلب:
يا جريح القلب بي عنّك جروح
جعل قلبي فدوةٍ لك يا سعد
مشرط الجرَّاح في قلبي يروح
كل ما هوجست بك يوم الأحد
خفقةٍ تجزع وخفقاتٍ تنوح
عالجوا جرحك وجرحي بك قعد
يشهد الله لو تعوض الروح روح
يا ابن أبوي فداك روحي والجسد
يا جحود الضيم ما ودّك تبوح
بالخفوق جروح ولسانك جحد
وكما كان الأمير سعد الفيصل في قصائد الأمير خالد الفيصل في السنوات الأخيرة، فقد كان في القصائد القديمة الجميلة التي تساويها في القيمة الفنية من منظور نقدي، والأمير سعد الفيصل - رحمه الله - قبل وبعد كل القصائد هو في قلب شاعرها الكبير الأمير خالد الفيصل، من ذلك قوله:
يا سعد خَبِّر ظريف الطول عنِّي
كان ودّه لي بعمرٍ في الحياةِ
وكذلك قوله:
هي تمون العين والاَّ ما تمون
لي خَذَتْ قلبي وقفَّت يا سعد
ثم كانت المرثية المؤثرة جداً بتجاوز شاعرها الكبير لنمطية المراثي الجزلة إلى التجلِّي في اختزال المضامين الرفيعة والعمق المعهود.. عن شاعرها:
يا سعد شحّت بك الأيام عنا
يا ملاك الأنس في تايه زمنّا
يا حكيم الراَي إذا جيت اَستشيره
زادني بالراَي فوق اللي تمنّى
يا عنيدٍ ماظلم مخلوق غيره
كم على كريم شيماته تجنّى
وكم نقلت حمول غيرك واَنت أحوج
وكم مسحت دموع محزونٍ تعنّى
من زَهَدْ بالمنصب وبالمال قبلك
بعتها واَقفيت بالعزّه تغنّى
مااشتكيت ولا ادّعيت ولو بكلمه
وان حكيت بكلّ منطوقٍ تأنّى
تبتسم وعروق قلبك ما تحمّل
سدّها كفٍ من همومك تحنّا
يارفيق العمر ياخوي وعضيدي
ألتِفت أدوّرك منّا ومنّا
ومالقيت إلا الثّنا في من تأنّف
في حياته وارتفع بالموت عنّا
ذا مكان اللي يشوم بعز نفسه
منزله على الكواكب ماتدنّا