«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
قد لا يعرف البعض من القراء الأعزاء وغيرهم من أن جواز السفر الذي يتيح لنا التنقل من دولة إلى أخرى يعود وجوده إلى الحضارة الإسلامية والعربية معاً، حيث كان العرب والمسلمون كانوا سباقين في تنظيم عملية السفر، حيث كانوا يحملون أوراقاً تثبت انتماءهم لدولهم. يؤكد ذلك العديد من المؤرخين والمستشرقين عبر أبحاثهم المختلفة في تاريخ الحضارة الإسلامية من خلال ما عثروا عليه في مفردات ووثائق هذه الحضارة التي أشرقت على العالم القديم وأضاءت الظلام في جوانبه المختلفة.. ومع مرور العقود وحتى بعض القرون تطور كثيراً جواز السفر من ورقة على ورق البردي أو ورقة مصنوعة من عجينة أوراق الأشجار إلى أن وصلت لتقنية الورق المعروف، والتي كانت ممهورة بختم الخليفة أو الحاكم في هذه الدولة أو تلك حتى وصلت عملية مهر الختم تتم من خلال جهات أمنية أو رجال الجمارك في الموانئ والحدود.
وكان الدكتور مجاهد توفيق أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة قد أشار في بحث نشر في إحدى الصحف العربية قبل عقود ما نصه (من خلال سياق الروايات التاريخية القديمة يتضح أن جواز السفر أصوله عربية إسلامية وبدأ العمل به في المائة الثانية للهجرة من ديار المشرق. ولم يكن موجوداً من قبل في الجاهلية سوى ما يسمى «الإذن بدخول بلد ما» ولكن مع تطور الزمن والفتح الإسلامي الذي شهدته شتى بقاع الأرض كان لزاماً على الراحلين والوافدين أن يكون لهم هوية معروفة حتى يتم حماية البلد الإسلامي أو البلاد التي تخضع للحكم الإسلامي من الأعداء المتربصين بالإسلام.. ويضيف في بحثه أن جوازات السفر كان لها مبلغ عظيم من الاهتمام والعناية حتى لا يتم التزوير وانتحال الشخصيات في العصور الإسلامية الأولى) ا هـ.
هذا وجواز السفر بعد تطوره خلال القرون الماضية ووصوله إلى شكله الحالي هو يُعَدُّ وثيقة سفر رسمية تقر من خلال الدولة التي يتبعها مواطن ما. وتعرفه من حيث جنسيته وهويته طبقاً للدولة التي ينتمي إليها، وتسمح هذه الوثيقة لحاملها بدخول والمرور خلال الدول الأخرى.. جوازات السفر مرتبطة بصفة الحماية للشخص الحامل لها من قبل الدولة المنتمي لها ذلك الشخص، والحق بدخول أي دولة بصفته وجنسيته.. عموماً، وحق الحماية لا ينشأ من كون الشخص حامل لذلك الجواز.
وكما هو معروف توجد في كل دولة أنواعاً مختلفة من الجوازات فيوجد الجواز الخاص جداً وعادة يمنح للقادة وكبار المسؤولين وأصحاب المرتبات العليا ورجال الأعمال المهمين.. والجوازات العادية التي يحصل عليها كل مواطن ومواطنة. وهناك جوازات خاصة بالمرور تمنح لظروف خاصة وطارئة في العديد من الدول.. وبالطبع هناك جوازات قوية حسب إنتمائها لدولة ما. وأسباب هذه القوة عديدة تعود لوضع الدولة نفسها على مستوى قوتها في العالم سياسياً واقتصادياً وجوازات متوسطة القوة وأخرى ضعيفة وهذا الضعف ناتج عن تكرار عمليات تزويرها أو لسهولة الحصول عليها!.. وتحذر الإدارات العامة للجوازات في مختلف دول العالم لحاملي جوازاتها بضرورة المحافظة عليها وعدم التفريط فيها مما قد يتسبب لحاملها من الوقوع في المشكلات وحتى المسألة القانونية وعادة ما يتم التحقيق مع من فقد جوازه لأي سبب. وماذا بعد لقد تطورت عملية إصدار الجواز في بلادنا لمن يستحقه ولمن تنطبق عليه الشروط الخاصة بذلك فتتم عملية إصدار الجواز خلال وقت قصير ويسير جداً.. وهذا يسجل قبل وبعد لوزارة الداخلية في بلادنا بشكل عام ولمديرية الجوازات بشكل خاص.. فشكراً لكل من يسر ولم يعسر..؟.