ماجدة السويِّح
بعد مضي أسبوعين على حادثة السحل والتعامل بعنف من قبل خطوط اليونايتد الأمريكية في إجبار راكب على مغادرة الطائرة لتوفير مكان إضافي لطاقم الطائرة، تناقلت شبكات التواصل الاجتماعية حادثة طيران أخرى على متن الخطوط الأمريكية توضح مدى العنف وانعدام الاحترافية في التعامل مع الركاب، حيث طغت دموع الأم التي تحمل طفلها بين ذراعيها على المشهد وهي تطالب المضيف بعدم استخدام العنف، وإرجاع عربة ابنها، في حين استثارت تلك الحادثة أحد الركاب للدفاع عنها والتصدي للمضيف الغاضب في ردة فعله العنيفة من تواجد عربة الطفل على متن الطائرة.
صورة الأم الباكية مع طفلها المحمول بين ذراعيها من الصعب محوها أو نسيانها بعد انتشارها على شبكات التواصل الاجتماعية، وتحولها لأزمة عالمية تهدد سمعة وصورة الشركة عالميا بعد استياء عدد كبير من العملاء والجمهور.
كيفية التعامل مع الأزمة تظهر الفرق الكبير بين الشركتين في التعامل الاحترافي لتفادي الخسائر قدر الإمكان، وجهود العلاقات العامة في معالجة الأزمة، حيث واجهت الخطوط الجوية الأمريكية الحادثة بالتصرف السريع، من خلال إتاحة الفرصة للأم وعائلتها بتغيير الرحلة، ومنحها درجة أولى، بالإضافة إلى إيقاف المضيف وفتح تحقيق بالحادثة، والاعتذار للعائلة والمسافرين عن الحادثة، تحسبًا لأي ردة فعل سلبية من الجمهور، ربما قد تؤثر على سمعتها في السوق وأرباحها.
في حين آثرت اليونايتد الأمريكية في بداية أزمتها الانحياز في صف طاقمها بعد إنزال الراكب بالقوة، لتجد نفسها بعد ذلك في مواجهة الخسائر بعد انخفاض أسهمها، وتعتذر للراكب المسحول وبقية الركاب.
الاعتذار للعملاء والجمهور هو أسرع الطرق وأفضلها في التعامل مع الأزمات بوعي واحترافية. ربما يكون الاعتذار في مثل تلك الظروف إقرارا بالمسؤولية، لكن بالمقابل هو الحل الأمثل في امتصاص غضب العملاء، وتقليل حماس وتفاعل الجمهور عبر وسائل الإعلام الاجتماعية التي تلعب دوراً حاسماً في الأضرار بسمعة الشركة، فالضرر الآن لم يعد محدودا بل بفضل تويتر والفيسبوك امتد أثره وتأثيره عالميا.
الواقع أن المتحكم الأكبر الآن في خلق أو تغيير الصورة الذهنية هي شبكات التواصل الاجتماعية عبر جمهورها الذي ينتج ويعيد تدوير المحتوى عن الشركات، ليصبح هو المتحكم الأكبر والمؤثر في إدارة الأزمات.
توارد العديد من حوادث الطرد والعنف على متن بعض خطوط الطيران الأمريكية خلق بلا شك صورة ذهنية سلبية عن الشركات الأمريكية، ومع مرور الوقت والتراكمات السلبية ستنتج لنا تلك الحوادث صورة نمطية عن الطيران الأمريكي في استخدام العنف والتمييز مع الركاب بشكل عام، مما سيؤثر بلا شك على أرباحها، وقوة المنافسة مع الشركات العالمية الأخرى.
السمعة التي أحاطت بالطيران الأمريكي باختلاف شركاته كفيلة بخلق سمعة سلبية عن الطيران بشكل عام، فالدوائر الصغرى التي تتشكل بعد حوادث الطيران، ستساهم في خلق الدائرة الكبرى عن الشركات الأمريكية وتكوين الصورة السلبية في أذهان الناس.