د. عبدالرحمن الشلاش
صدور الأمر الملكي الكريم بتقديم اختبارات نهاية الفصل الدراسي الثاني لتكون في شعبان بدلا من شهر الصيام رمضان، على أن تنتهي جميع الاختبارات لكافة المراحل الدراسية بنهاية شهر شعبان أمر حكيم في محله وهو عين الصواب إذ جاء ليصحح وضعا خاطئا وليجنب الطلاب وأسرهم المعاناة في الشهر الكريم، وخاصة أولئك الذين يذهبون إلى أماكن بعيدة عند ساعات الفجر الأولى ولا يعودون إلى منازلهم إلا في المساء، وبالذات المعلمون والمعلمات، ناهيكم عن الازدحامات الشديدة داخل المدن الكبيرة مثل الرياض وجدة، والطقس الحار بالتأكيد ستكون المعاناة معه كبيرة.
لمن أراد أن يتصور الوضع لو بقيت الاختبارات في موعدها في الشهر الكريم كيف ستكون أحوال الناس في بيوتهم؟ متى تعود المعلمة أو الموظفة وهي ربة منزل إلى بيتها؟ وكيف توازن بين مهام وظيفتها وبين واجباتها نحو أسرتها؟! بطبيعة الحال أنا لا أتحدث عن من يملكون داخل منازلهم جيوشا من السائقين والعمال والخدم والشغالات، وهذه مربية وتلك طباخة أو خياطة أو غسالة، مثل هؤلاء المرفهين لن يشعروا بأي معاناة، لكن منهم من يمط شفتيه ليتحفنا بمثالياته الزائفة، وفي نظره أن من يطالب بتقديم الاختبارات رحمة بالمعلمين والطلاب إنما يدعو للتسيب، وهو هنا يخلط الأوراق بين تعليق الدراسة لأسباب مناخية وبين وضع الاختبارات في وقت مناسب ومريح يجنب الجميع المتاعب والمشاق. قد أكون ضد تكرار تعليق الدراسة إلا في حالات صعبة أما الاختبارات في رمضان مع الظروف التي ذكرت فأنا ضدها وكتبت رأيي فيها قبل أسبوعين تقريبا، وحمدت الله أن ملك البلاد وفقه الله لكل خير قد أمر بما فيه الخير والراحة للناس، وأزاح عن كواهلهم ما كان منتظرا من مشقة وعناء وتعب. الطلاب الذين كانوا سيواصلون الليل إلى أن يعودوا من أداء الاختبارات عند الظهر سينامون إلى منتصف الليل وستظل الأسر في جهاد معهم وفي النهاية قد تتأثر اختباراتهم سلبيا من واقع ما يحيط بهم من ظروف صعبة.
تقديم الاختبارات ستكون له آثار سلبية لكنها أقل من سلبيات الاختبارات في رمضان. ربما السلبية الوحيدة لتقديم الاختبارات خسارة أسبوعين من الفصل الدراسي لكن لا بد أن نعترف بأن هذا ثمن تخطيط غير جيد لذلك وكي لا يتكرر التأجيل في السنوات الخمس القادمة على الأقل فأرى أن يعاد النظر في التقويم الدراسي بحيث تنتهي الدراسة قبل شهر رمضان إلى أن يحل الشهر المبارك في الشتاء وعندها لن يكون هناك أي مشاكل بإذن الله تعالى.