عبدالوهاب الفايز
في أية اتجاه أو معنى نأخذ الآثار الإيجابية للأوامر الملكية الأخيرة..
لقد أكد لنا وعودنا الملك سلمان، يحفظه الله، أنه يأتي بقراراته ومواقفه بالوقت المناسب، وبالحزم والعزم الذي يضع الأمور في نصابها، ليصحح ويطور، ويأخذ بلادنا إلى المسار الذي يضمن تعزيز وتقوية الجبهة الداخلية.
أبرز ما حملته الأمور الملكية نجده في إدخال الجيل الجديد من الأمراء الشباب ليكونوا في سدة المسؤولية في عدد من المناطق والمواقع الحكومية، وهذه تعني تهيئة جيل قائد يتعلم ضرورات وأدبيات القيادة من مباشرة مصالح الناس في مناطق المملكة المختلفة، ولديهم الآن الفرصة للتعلم من تجربة الأمراء الذين سبقوهم في المسؤولية. ومثل هذه الخطوة تعزز وتثري الخبرة والتجربة الطويلة للعائلة المالكة التي كسبتها في الثلاثمئة عام الماضية.
أيضا حملت الأوامر إعادة البدلات والمكافآت والمزايا المالية إلى وضعها السابق بعد تحسن أوضاع المالية العامة للدولة، وهذا القرار جاء في وقته لأن الآثار التي ترتبت على إلغائها كانت سلبية، وربما لم تكن في الحسبان، فقد أثرت على مجمل النشاط الاقتصادي، وأربكت الأمور المالية للكثير من الناس، وكانت العائق الأكبر للمضي بالإصلاحات الضرورية لإيقاف هدر مواردنا المالية بسبب المبالغة في استهلاك الموارد الطبيعية، أو بسبب الدعم الواسع للسلع والخدمات الذي لا يخدم أصحاب الدخل البسيط والمتوسط للمواطنين.
إرجاع البدلات والمزايا سوف يكون أثره إيجابيا على حركة الاستثمار والتجارة، فاقتصادنا الوطني يحتاج الدعم المعنوي الذي يدفع بعودة روح الاستثمار، بدل التقشف وخفض النفقات. ربما نحتاج سنوات حتى يبدأ الاقتصاد يجد قاطرة النمو البديلة بدل الاعتماد على الإنفاق الحكومي. وربما هذا الوضع ينسحب على الغالبية من الناس، فقد تأسست أمور حياتهم على إيراد الوظيفة الحكومية ومميزاتها، ولعل الصدمة الأخيرة تدفعهم إلى الاجتهاد لتنويع مواردهم، بدل الاعتماد على الراتب كمصدر وحيد للدخل.
أيضا صرف بدل راتب شهرين لجنودنا المرابطين هو أقل ما يقدمه الوطن مقابل تضحياتهم الكبيرة للدفاع عن بلادنا، فهؤلاء واجبنا الديني والأخلاقي والوطني أن نعيش معهم وجدانيا حتى تنتهي هذه الحرب التي فرضت علينا، ودعم هؤلاء الأبطال ماديا ومعنويا يحققه هذا الأمر الملكي، وصرف هذا المبلغ له أيضا آثاره الإيجابية على الاقتصاد الوطني.
أيضا حملت الأوامر الملكية تصحيح عدد من المواقع القيادية الحكومية، كما أدخلت قيادات شابة أثبتت نجاحها في عدد من المواقع القيادية، وسوف تحمل تجربتها في المواقع المهمة الجديدة، وهذا تطور إيجابي في عملية اختيار القيادات للقطاع العام، فالمرحلة الحالية وتحديات المستقبل تستدعي وجود قيادات قادرة على تنفيذ أهداف الحكومة، ولديها القدرة على تمكين موظفيها، وقيادة التغيير الذي ينقل أداء الأجهزة الحكومية لتحقق أهداف رؤية المملكة للأعوام القادمة.
مركز الأمن الوطني يعد إضافة جديدة لمؤسسات الأمن الوطني المتخصصة، ونرجو أن يهتم هذا المركز الوليد بالأمور والقضايا التي لا تأخذ هوية محددة ولكن آثارها تنسحب بقوة على مقومات الأمن الوطني، مثل إشكالية (ساعات العمل) الطويلة لمحلات تجارة التجزئة، فرغم مخاطرها على الأمن الوطني ظلت هذه الإشكالية في مجتمعنا بعيدة عن الإدراك والاستيعاب بتداعياتها ومخاطرها على مجتمعنا، (بالذات تماسك الأسرة)، وعلى اقتصادنا، وأثرها على التغطية الأمنية، وآثارها الصحية والبيئة. ولعل مثل هذا المركز ينظر في القضايا الطارئة ومدى أثرها على أمننا الوطني.