أمل بنت فهد
من الاختيارات الصعبة والتي قد تكلف غالياً.. اختيار القادة.. اختيار المسؤول.. لأنّها مرتبطة بالثقة.. ومتشابكة مع مصائر الآخرين.. والذين بدورهم منحوك الثقة بأن تولي عليهم من يكون بحجم الأمانة.
لذا يأتي السؤال الصعب.. لمن الكرسي؟ من يستحق أن يدير الأمكنة والبشر؟
يبدو أن من يطلب المنصب.. ومن يتحرى الفرصة بكل الطرق.. ليس البطل المنشود.. أتدري لماذا؟
لأن اللاهث خلف المنصب مبرمج على فكرة الشرط والقيد.. بمعنى لن يقدم ما عنده قبل أن يعتلي الكرسي.. فالغاية ليست وضع البصمة.. بقدر ما هي الاسترخاء على الكراسي الفاخرة.. ومغازلة الفلاشات.. وهنا تحديداً يتوقف عن العطاء.. ينتهي عزمه.. لأن حلم السيادة تحقق.. وليس حلم الريادة.
لكن القائد بطبعه يستطيع أن يُحدث تغييراً.. ويوجه جمهوراً.. ويقفز الصعاب.. في أي مكان.. وتحت أي ظروف.. لا يعنيه أين يطبق مهارته.. ومن أي منبر.. بل إيمانه بذاته ينشره كأجمل عدوى تستثير الهمم.. ليس لأحلامه سقف يمكن أن يعيق تمدده.. لا يهمه إن علم العالم بأمره أم تجاهله.. لا تعنيه الشاشات ولا الاحتفالات.. ولا تحرك فيه ساكناً نشوة الشهرة والسيطرة.. بل أينما كان.. يأخذ من حوله ويصعد.. لا قمة تحبسه عن الصعود.
لأن من أعاقته شدة الوقت.. وتآمر الظروف.. وقلة الموارد.. وحصار الصلاحيات.. ليس بقائد لا من قريب ولا من بعيد.. ولن يقدم شيئاً يذكر حين يستلم مفاتيح التمكين.. لأنّها ستبقى معطلة.. القائد يصنع مفتاحه بيده.. بذكاء الإدارة.. ومهارة إيقاظ النائمين والخاملين.. لأنه يحمل قضية ويؤمن بها.. أما متسول المنصب فلسان حاله يقول: تريدون أن أعطي.. امنحوني الكرسي.. وإلا لن تروا مني خيراً قط.. هو العطاء المشروط.. والوفاء المشروط.. والأمانة المشروطة.
لذا حين تبحث عن الكفء.. فانظر لقدراته حين كان لا يملك القدرة.. هل استطاع أن ينتزعها ويذللها من أجل الجميع.. أم أنه صاحب الشرط الذي يعمل بقانون الأنانية في مكان لا يكون إلا بروح تؤمن بالإيثار.. والتضحيات.. والمصلحة العامة حين تغلب المصلحة الشخصية!
لأن خاطب ود المناصب.. فارغ إلا من نفسه.. لا يهمه إلا نفسه.. فقط نفسه.. ولا يمكنه أن يجعل لمصالحه شريكاً.. هو أولاً وليس بعده أحد.. لذا سيحاول أن يأخذ ما يستطيع أخذه قبل أن يلفظه المنصب.. لأنه يعلم يقيناً حقيقته ويعرف نفسه.