غسان محمد علوان
أتت.. بعد أن تمنّعتْ.. وقد ظنّ لطول صدّها.. أن لا لقاء بها بعد أن أَبعدَتْ..
خمسٌ من الحرمان قد ذاقت.. فلا طاب لها عيشٌ.. ولا عين رضا لها نامت..
فهجر الحبيب لديها.. لا يوازيه سوى حجم اشتياقها.. فمن يطيق لهجر المنازل صبراً؟
هي تدري أنها.. في قربه تلقى الهنا.. وفي بُعده تستنكر الألوان والوجوه والأصوات.. بل تستنكر نفسها..
عادت لدار الحبيب بعد الجفا.. ووجدته مهللاً مرحباً بقدومها.. باسم القَسَماتِ متلهفاً..
هي تدري كم يعاني في غيابها.. وكيف يغدو دار الفرح كئيباً دونها..
وأن عودتها له.. تعني عودة المنطق للمنطق.. و أن اختلال الأمور في بُعدها.. وضع طارئ لا بد له من تسوية..
تلك كانت قصتهما.. وللقصة أطرافٌ أخرى تشاركهما الأحداث عن قرب..
فمحبيه الذين ثاروا كل تلك السنين الطوال.. لم يعتادوا على مثل ذلك.. لم تتأقلم أعينهم على خفض مستوى النظر لكي يروه.. ولم يعتنقوا (مكرهين) شعارات الصبر ومناسك الجلَدِ على احتجابه..
هم اعتادوا على رفع أعناقهم عالياً.. ليروه هناك على القمة.. في مكانه الذي وُلد لأجله.. متربعاً بكل خيلاء على سنام المجد..
فهم مثل ذاك الابن الثري.. الذي لا يطيق صبراً على ضائقة ألمّت بمنزله.. ويجن جنونه إذا أصبح في وضعٍ لم يعتد العيش فيه.. على عكس غيره من محدثي النعم.. الذين يُجن جنونهم إذا حصلوا على غنيمة عارضة.. أو ساقتهم أقدامهم أو ظروفهم لوضع يدهم على كنز دفين.. فيصمّون الآذان صراخاً.. ولهم في ذلك كل الحق دون انتقاص من فرحهم.. فالاستثناءات النادرة تستحق الاحتفاء و الضجيج.. حتى وإن صاحبها بعد الغرور الزائل لا محالة، بعد أن تعود الأمور لنصابها..
فذلك الابن الثري عزاً وجاهاً.. لا يهنأ له بال أو خاطر إلا بعودة الحال لطبيعته..
ولذلك.. نجد مقدار الفرح لديه بالمنجز.. أقل بكثير من حزنه على خسارته أو عدم تحقيقه..
لم يعد يعنيه كثيراً تحقيق المنجز بعينه.. بقدر عدد تكراره وتوسيع الفارق بينه وبين غيره..
فلوحة الشرف وإن غصت بالمنجزات.. فهي بالنسبة له.. دون غيره.. قابلة للاستنساخ مراراً و تكراراً..
وختاماً نقول..
ألف مبروك للبطولة الدوري أولاً عودتها لمعقل الزعيم.. مكملة عقد الخمس والخمسين بطولة.. بجوار أخواتها الثلاث عشرة من نفس قيراط الذهب..
وألف مبروك للزعيم وعشاقه عودة كبير القوم لمكانه الطبيعي.. وتوسيع الفارق بينه وبين منافسيه على حصد الذهب وتحقيق البطولات..