«الجزيرة» - الاقتصاد:
منذ قرار مجلس الوزراء في 29-3-1423هـ القاضي بتحويل مرفق البريد إلى مؤسسة عامة باسم مؤسسة البريد السعودي، والقائمون على البريد السعودي طوروا خلال هذه الفترة البنية التحتية للبريد في المملكة، لتكون خدمة متطورة تعمل وفق أسس تجارية. واستجابة من البريد السعودي لتنفيذ ما ورد في تنظيمه من أجل العمل بأسلوب تجاري هادف إلى الربح والاعتماد على موارده الذاتية، فقد تم إعداد وتنفيذ خطة إستراتيجية لتطوير أعمال البريد، وتهيئة بنية تحتية بريدية، والعمل على تهيئة وحدات عمل يمكن فصلها لاحقاً، وإنشاء شراكات مع القطاع الخاص، وتنظيم سوق الخدمات البريدية ليتسنى تحريره. واعتمد البريد السعودي على التوسع في شبكة المكاتب البريدية لتغطي كل أنحاء المملكة، ويضم البريد اليوم 602 مكتباً بريدياً و59 وكالة بريدية تتوزع على مختلف المناطق والمحافظات والمدن والقرى، ويمتلك قوى بشرية عاملة ومدربة على تقديم خدماته. وتهدف الخطة الإستراتيجية للبريد السعودي للتحول من مؤسسة عامة إلى شركة قابضة وشركات تابعة، وتتكون الخطة من ثلاث مراحل (مرحلة البناء، مرحلة التمكين، مرحلة التحول).
مرحلة البناء (2005-2009):
في هذه المرحلة قام البريد السعودي بالتطوير المؤسسي والتشغيلي، وتطوير الخدمات والمنتجات، واستحداث منتجات جديدة ذات قيمة مضافة عالية للمستفيدين والعملاء، وكذلك للتحول للعمل والتشغيل وفقاً لأسس ومعايير الأعمال التجارية الهادفة للربح مع مراعاة التزامها بتوفير الخدمات البريدية بالتغطية الشمولية اللازمة للمناطق والمدن والقرى والهجر بالمملكة العربية السعودية. وبدأت الخطة التنفيذية للبريد السعودي في مرحلة البناء 2005 في تجهيز وبناء البنية التحتية والشبكات في توفير البنية التحتية للعناوين والمعالجة وبناء الشبكات التي مثلت القيمة الجوهرية الأساسية في المنظومة الإستراتيجية الجديدة، لذلك وجهت المؤسسة استثمارات ضخمة لتطوير البنية التحتية وبناء عدد من الشبكات البريدية المتكاملة والمتداخلة، وذلك لدعم أعمال المؤسسة ولتسهم في تحقيق إستراتيجيتها وتطوير أعمالها وتقديم خدماتها بطريقة عصرية.
وكان من نتائج هذا التوجه، إطلاق خدمات متنوعة كالعنوان الوطني، حيث تم وضع 37 ألف رمز بريدي، وعنونة نحو خمسة ملايين عنوان محلي، الأمر الذي أسهم في زيادة عدد المسجلين في العنوان الوطني إلى نحو ثلاثة ملايين مشترك من الأفراد، ومليون مشترك من المنشآت، وذلك عن طريق الموقع الرسمي للعنوان الوطني وتطبيقات الهواتف المحمولة ومكاتب البريد.
كما شمل تطوير أعمال المؤسسة تدشين خدمة مراكز المعالجة والفحص، وشبكة النقل اللوجستي (تأسيس شركة ناقل)، وشبكة التوزيع، وشبكة المكاتب البريدية، شبكة التقنية والمعلومات، وشبكة العاملين والكوادر البشرية.
ولدى البريد السعودي 13 مركزاً للمعالجة والتوجيه تغطي جميع مناطق المملكة، وشبكات توزيع محلية توصل المواد البريدية والبضائع من الأسواق الإلكترونية عن طريق خدمة السوق الإلكتروني «إي مول»، وهو أحد مشاريع المؤسسة ويعتبر نموذجاً لسوق إلكتروني متكامل يتيح للتجار وأصحاب المنشآت الصغيرة والمتويطة والأسر المنتجة والجميعات الخيرية عرض منتجاتها مع تقديم خدمات الفهرسة والإدارة التقنية والالتقاط والتسليم واستلام القيمة وتحويلها إلى التاجر، ويعرض حالياً نحو 160 متجراً تقدم منتجاتها في «إي مول»، واستفاد منه أكثر من 100 ألف عميل.
ويستفيد العميل من توصيل البضائع من الأسواق الإلكترونية عن طريق شبكات عدة للتوزيع إلى محل الإقامة عبر العنوان الوطني، من خلال شبكة توزيع البريد الممتار لتوزيع البريد السريع والطرود، وشبكة واصل لتوزيع البريد العادي والوثائق إلى مقر الإقامة أو العمل، وشبكة واصل الريفي لتسيلم جميع أنواع البريد إلى القرى والهجر البعيدة عن المدن الرئيسة، فضلاً عن 600 مكتب بريد تستخدم للاستلام والتسليم.
كما أسهم توجه مؤسسة البريد نحو تفعيل الحكومة الإلكترونية، باستفادة العديد من العملاء من خدمة توصيل البريد لمقر الإقامة، حيث شهد نهاية العام 2016 وصول عدد الوثائق الحكومية المسلمة للعملاء إلى أكثر من 1.6 مليون وثيقة، تراوح وقت تسليمها للعميل بين يوم إلى خمسة أيام بحسب صحة العناوين ومكانها.
مرحلة التمكين (2010-2014)
وبعد استكمال البريد السعودي للمرحلة الأولى وبناء بنيتها التحتية، بدأت في المرجلة الثانية وهي مرحلة التمكين، وذلك لتمكين وحدات الأعمال وتطويرها، والتي تشمل: تطوير الأطر التنظيمية لقطاع البريد، وإعادة الهيكلة واستحداث قطاعات جديدة وتطوير وحدات الأعمال، والتوظيف والتأهيل، وإعادة هندسة العمليات الإدارية والتنظيمية، وإعادة هيكلة العمليات المالية، وتطوير الخدمات الإلكترونية، وأنظمة الخدمات البريدية، ومركز المعلومات الجغرافية، وأنظمة دعم التجارة الإلكترونية، ومركز البريد الإلكتروني الأمن (موثوق)، ومركز خدمة الحجز الإلكتروني وتنظيم الجمهور (خدمة مكاني) والتي سجلت نمواً كبيراً بلغ 100% وبمبيعات تجاوزت 1.200 مليون تذكرة إلكترونية مبيعة، إضافة إلى مركز البريد الدعائي (الطباعة والتغليف).
مرحلة التحول (2015-2020)
وتجسيداً لتوجه الدولة نحو تحقيق روؤية 2030، قام البريد السعودي بوضع مبادارته وأهدافة للعمل على أسس تجارية ووخطة تنفيذية لتحقيق ذلك في فترة (2015 ـ 2019) ضمن برانامج التحول الوطني2020، حيث تهدف هذه المرحلة لتحقيق الرؤية والمبادرات والأهداف، وذلك بأن يكون المشغل البريدي تجارياً وفعالاً ومتنوع المجالات والأنشطة، ويعمل على أسس تجارية ويقدم خدمات عالية الجودة ومنتجات تجارية تنافسية. ويسعى البريد السعودي من هذه الرؤية، إلى تقديم خدمات بريدية ومالية ولوجستية متكاملة ومبتكرة للمنشآت والأفراد، تسهم في دعم الحكومة والتجارة الإلكترونية باستخدام أحدث التقنيات العالمية وأعلى معايير الجودة والتميز بأيدي وطنية مؤهلة.
ويهدف البريد السعودي من مرحلة التحول إلى تفعيل الإطار التنظيمي، ودعم وتطوير القدرة المؤسسية، والعمل على أسس تجارية، وتعزيز الخدمات البريدية لدعم التعاملات الإلكترونية، وتنمية الموارد المالية والاستثمارية.
الشراكات مع القطاع الخاص
وكان من نتائج المرحلتين الأولى والثانية واللتين كانتا مخصصتان للبناء والتمكين، تأسيس شركتي ناقل وإرسال للحوالات المالية، وتطوير وحدات الأعمال استعداداً لتحويلهما إلى شركات تجارية، وأصبح البريد السعودي جاهزاً لتطبيق خطة التحول التي انتهى من أعمالها ورفعها للجهات المعنية بالدولة لاعتمادها، ولتحويل المؤسسة إلى شركة قابضة تدير مجموعة من الشركات التابعة، وعلى فصل أعمال تقديم الخدمة عن أعمال تنظيم السوق البريدي.
وبدأ البريد السعودي بتحويل كل مكاتب البريد إلى مراكز تقديم خدمات شاملة تقدم الخدمات البريدية الأساسية والخدمات الحكومية والتجارية والمالية للتسهيل على المواطنين وتوفير عوائد جيدة.
شركة ناقل
وقام البريد السعودي بتأسيس شركة «ناقل» للنقل اللوجستي عام 2005م، وهي إحدى شركات البريد السعودي بالشراكة مع القطاع الخاص بحصة مقدارها 51%، كشركة لوجستية تقدم خدمات نقل البريد والطرود السريعة والتخزين والتغليف، وهي باكورة مشاركات القطاع الخاص مع البريد السعودي.
وتمتلك شركة ناقل أسطولاً من المركبات المختلفة أكثر من (1.800) مركبة بمختلف الأحجام، وذلك لنقل الشحنات حول مدن المملكة، حيث تغطي الشركة أكثر من (4.900) مدينة وقرية داخل المملكة، وتمتلك الشركة 7 نقاط توزيع رئيسة و13 نقطة فرعية في كل أنحاء المملكة لتكون نقطة تجميع وتوزيع الشحنات الخاصة بعملاء شركة ناقل، وتصل قدرتها إلى نقل أكثر من 2.4 مليون شحنة، وتضم أكثر من 2000 موظف.
وتقدم الشركة النقل المحلي والدولي، والدعم والمساندة، والتخزين وإدارة المستودعات، والطرود والبريد السريع وتعمل الشركة الآن في إعداد إجراءات ومتطلبات الطرح للاكتتاب العام في سوق الأسهم السعودي للعام 2017م.
شركة إرسال
كما أسس البريد السعودي شركة إرسال في نهاية عام 2013م، وهي شركة متخصصة في الحوالات المالية برأس مال قدره 50 مليون ريال مملوكة مناصفة بين المؤسسة ومصرف الإنماء، ومرخص لها من مؤسسة النقد العربي السعودي بممارسة خدمة تحويل الأموال إلى الخارج، وترتبط إرسال بمجموعة كبيرة من بنوك المراسلة لتقدم عن طريقها الحوالات المالية، كذلك تقدم منافذ إرسال خدمة حوالات وسترن يونيون العالمية التي تصل إلى أكثر من 200 دولة.
وتقوم شركة إرسال بإدارة وتشغيل فروعها المستقلة وفروعها في مكاتب البريد المنتشرة في أنحاء المملكة، حيث بلغ إجمالي الفروع العاملة حتى الآن 37 فرعاً موزعة على مدن عدة في المملكة.
شركة الجار
كما أسس البريد السعودي شركة الخدمات البريدية (الجار)، وهي إحدى الشركات التي تم تأسيسها عام 2014م لتقديم الخدمات البريدية لجمهور المستهلكين الأفراد وقطاع الأعمال، وتقديم خدمات الحكومة الإلكترونية والتجارة الإلكترونية، إضافة إلى خدمات تجارية وحكومية عن الغير (الشركات الشقيقة، قطاع الأعمال، الجهات الحكومية) من خلال (6.000) نقطة وصول داخل المملكة.
وتهدف شركة الخدمات البريدية إلى تأهيل منافذ البيع لتقديم خدمات ومنتجات تلامس احتياجات العملاء، مثل خدمات الاتصالات والأجهزة الإلكترونية والخدمات الحكومية والتأمين على السيارات وغيرها من الخدمات والمنتجات ذات العوائد الربحية.
وتهتم الشركة ببناء علاقة مع العملاء حول كل منفذ من منافذ البيع، حيث إنها ستقدم الخدمات الحكومية والتجارية من خلال شبكة منافذها المنتشرة في كل أرجاء المملكة، كما تقوم الشركة بنشاط التوزيع للعميل لمحل الإقامة والعمل بخدمة تضاهي تلك التي في الدول المتقدمة.
واستكمالاً لتنفيذ إستراتيجيتها، أسس البريد السعودي شركة البريد الممتاز في 2014 (وهي شركة ذات مسؤولية محدودة)، وذلك لتقديم خدمات البريد السريع، وتشكل حصة البريد الممتاز عام 2014م حصة جيدة من حجم سوق البريد السريع في المملكة العربية السعودية، ويبلغ عدد مكاتب شركة البريد الممتاز المستقلة حالياً (10) مكاتب، إضافة إلى المكاتب المشتركة مع البريد السعودي وتستهدف الشركة افتتاح (57) فرعاً جديداً مستقلاً خلال الأعوام الخمسة القادمة.
شركة البريد الدعائي
كما تبنت مؤسسة البريد السعودي لإنشاء شركة البريد الدعائي (شاهر) والتي تعنى بإنتاج وتوزيع المواد التسويقية والترويجية المطبوعة والإلكترونية، المعنونة وغير المعنونة، وفقاً لأساليب التسويق المباشر وغير المباشر الإلكترونية والمطبوعة، ومراكز الاتصال والاستفادة من قاعدة البيانات والعناوين البريدية والتي تُعَدُّ أحد أهم البنى التحتية التي تعتمد عليها خدمات التسويق المباشر، وكذلك الاستفادة من المقومات المادية والفنية لمراكز التصميم والطباعة والتغليف الموجودة في كل من الرياض وجدة والدمام. تقدم شركة شاهر خدماتها إلى قطاع الأعمال لطباعة وتغليف وتوجيه بريدهم بكل أنواعه الخدمي والهجين والتسويقي والترويجي بطريقة فعالة ومركزة على فئات العملاء بحسب النوعية وبحسب الخصائص الاستهلاكية والديموغرافية والاقتصادية وغيرها.
وتعدُّ الشركة من الفرص الاستثمارية الواعدة مما يعزز فرص إيجاد شراكات مع القطاع الخاص للاستثمار في مجال البريد الدعائي المباشر والتسويق الترويجي المطبوع والإلكتروني.
شركة إدارة الممتلكات
ووضعت مؤسسة البريد مسودة اقتراح تأسيس شركة إدارة الممتلكات، وهي إحدى الشركات المقترح إنشاءها لاستثمار العقارات من أراضٍ ومبانٍ وإدارتها وتشغيلها وصيانتها وتأجيرها للشركات الشقيقة وللقطاع العام والخاص. تسعى الشركة إلى تحقيق أعلى العوائد الممكنة من استثمار الأراضي والمباني.
وتشير الدراسات إلى أن العديد من أجهزة البريد العالمية تعتمد على الاستثمارات العقارية في تحقيق إيرادات مجزية تصل حصة مرتفعة من إجمالي إيراداتها.
ويتطلب إنشاء هذه الشركة وتقديم خدماتها دعمها بالموافقات الحكومية اللازمة وخاصة استخراج صكوك الأراضي التي ليس لها صكوك (سواء المبنية أو الغير مبنية) ونقل ملكية الأراضي للشركة.
وتهدف الشركة إلى تطوير واستثمار الأراضي والمباني وتشغيلها وصيانتها، وتكوين كيان عقاري قوي قادر على القيام بدور فعال، وإدارة الأصول العقارية للشركة بمفهوم ريادي متخصص يحقق (الربحية، التنمية، الاستثمار الأفضل) ورفع عبء إدارة وتشغيل وصيانة العقارات عن كاهل الشركات التابعة، واستثمار أفضل للأصول المملوكة للشركة وخاصة ذات الطابع المميز والمتوقع منها تحقيق عائد استثماري مناسب (من الشركات الشقيقة وغيرها) مع التخطيط لتوفير مصادر التمويل المناسب لذلك.
ويترقب قرار تأسيس شركة البريد القابضة وهي شركة مساهمة تتولى مسؤولية إدارة وتشغيل مرفق البريد والخدمات اللوجستية وفقاً للمتطلبات السيادية والدولية السارية، وذلك من خلال تملكها شركات تابعة لها تكون متخصصة في الأنشطة والتقنيات البريدية واللوجستية والمالية والعقارية، (يمكن لهذه الشركات الدخول في شراكات مع القطاع الخاص نظراً لما تشكله أعمالها من فرص استثمارية واعدة).