تمكن الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء خلال زيارته إلى فرنسا من تدشين مرحلة جديدة ذات أفق أوسع تدعم تنويع الاقتصاد السعودي بشراكات تم توقيعها خلال تلك الزيارة، مما دفع التعاون بين البلدين إلى آفاق ومجالات جديدة، خاصة في ظل رؤية السعودية 2030 وبرامجها الاقتصادية بما فيها برنامج التحول الوطني. وتتميز الشراكة السعودية الفرنسية الاستراتيجية الشاملة وعمقها، وذلك لما تتمتع به السعودية من اقتصاد متين، وموقع جغرافي مهم، بالإضافة إلى ما أوجدته رؤية المملكة 2030 والتي تهدف إلى تنويع وتحديث الاقتصاد في المملكة، من خلال الاستفادة من الثروة المعدنية وتنمية التجارة الإلكترونية والسياحة واستقطاب الاستثمارات الخارجية.
9 لقاءات في فرنسا
وخلال زيارة فرنسا، أجرى ولي ولي العهد 7 لقاءات ما بين المسؤولين القياديين في الدولة، ومسؤولين لقطاعات اقتصادية وبرلمانية ومنظمات دولية. استقبل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، الذي قدم إليه عرضاً مفصلاً لـ «رؤية المملكة 2030» والإصلاحات التي ستتخذ وموجزاً عن رغبة المملكة في التنويع الاقتصادي. وأعرب هولاند، الذي اعتبر أن هذه الرؤية «تمثل نهجاً جيداً ومهماً»، عن رغبة في أن تكون هناك استثمارات متبادلة بين فرنسا والسعودية، كما أبدى هولاند رغبة في الدخول بمشاريع استثمارية مشتركة في الخارج، خصوصاً في أفريقيا. كما استقبل رئيس الحكومة الفرنسي مانويل فالز الأمير محمد بن سلمان وشدد على أهمية الشراكة السعودية- الفرنسية، حيث بحث أوجه التعاون القائم بين البلدين الصديقين، والسبل الكفيلة بتطويرها في مختلف المجالات.
كما التقى ولي ولي العهد وزير الخارجية الفرنسي مارك إيرولت وتم خلال اللقاء عدد من المباحثات حول الاهتمامات المشتركة والسلام والأمن في سوريا والعراق واليمن ومحاربة الإرهاب، وحول مبادرة السلام الفرنسية للسلام.
كما التقى وزير الدفاع جان إيف لدوريان استعراض معه العلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة في المجال الدفاعي، وسبل تعزيزها وتطويرها، بالإضافة إلى جهود البلدين في مكافحة الإرهاب. والتقى أيضاً رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية كلود برتلون ورئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالجمعية الوطنية الفرنسية إليزابيث قيقو واستعراض معه عدد من المسائل ذات الاهتمام المشترك.
وكذلك التقى رئيس مجموعة الصداقة السعودية الفرنسية بالبرلمان الفرنسي أوليفيه داسو واستعراض علاقات الصداقة القائمة، ومواصلة تقويتها، لما فيه المصلحة المشتركة بين البلدين والشعبين.
كما التقى الأمير محمد بن سلمان رئيسة لجنة الصداقة الخليجية الفرنسية بالبرلمان الفرنسي نتالي جولي وشهد اللقاء استعراض عدد من المسائل ذات الاهتمام المشترك.
والتقى أيضاً سمو الأمير أعضاء مجلس رجال الأعمال الفرنسي وقد شهدت اجتماعات باريس وما صحبها من فعاليات وورش عمل، طرح رؤية المملكة 2030، وبرنامج التحول الوطني 2020، المعززة لعهد جديد في حركة الاستثمار المتبادلة بين السعودية وفرنسا حيث ستشهد المرحلة المقبلة، عهدا جديدا في حركة الاستثمار المتبادلة بين البلدين.
وكانت المباحثات واللقاءات التي عقدها المسؤولون ورجال الأعمال السعوديون، مع نظرائهم الفرنسيين في باريس، ثمرة للنتائج الإيجابية لزيارة الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، إلى فرنسا التي طرح خلالها (رؤية المملكة 2030) الواعدة، وبرنامج التحول الوطني 2020. وقد شهدت اللقاءات استعراض الفرص الجديدة لما يندرج ضمن (الرؤية)، التي من أولوياتها تنويع الاقتصاد السعودي، وزيادة الإيرادات غير البترولية من خلال البحث عن شركاء للتعاون في تحقيق هذه الأهداف والمبادرات.
وحضرت منظمة اليونسكو في جدول زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع حيث التقى مديرة منظمة اليونسكو إيريتا بوكوفا وتم التأكيد على التعاون من أجل تحقيق أهداف رؤية 2030، خصوصاً في مجالي تطوير التعليم وزيادة عدد المواقع الأثرية السعودية المسجلة في لائحة التراث العالمي.
الاتفاقيات
وشهد ولي ولي العهد والرئيس الفرنسي في قصر الإليزيه مراسم توقيع عدد من الاتفاقيات بين المملكة وفرنسا بحضور وفدي البلدين وهي:
أولاً: خطاب نوايا بشأن قيام شركة اريفا بدراسة جدوى إطلاق مفاعلين نوويين في المملكة.
ثانياً: اتفاقية تنفيذية للتعاون في المجالات الصحية.
ثالثاً: اتفاقية تعاون فني في المجال الصناعي تتضمن التعاون في تنمية الصادرات الصناعية وزيادة حجم التجارة البينية وتبادل المعلومات التجارية والصناعية والخبرات فيما يتعلق بالسياسات الصناعية والإبداع للإسهام في مساندة القدرة التنافسية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والناشئة وزيادتها.
رابعاً: توقيع عقد تزويد حرس الحدود السعودي بعدد (23) طائرة هيلكوبتر من شركة ايرباص بقيمة (470) مليون دولار.
خامساً: عقد استثماري بين صندوق الاستثمارات العامة وشركة ائتمان الصادرات الفرنسية (كوفاس) يقوم الصندوق بموجبه بتمويل بعض العمليات التي تنطبق عليها شروط الائتمان التي تطبقها الشركة.
سادساً: مذكرة تفاهم بين الخطوط الجوية العربية السعودية وشركة ايرباص بخصوص سرعة تسليم (50) طائرة ايرباص منها (20) طائرة ايرباص (330) الإقليمية التي ستكون الخطوط السعودية المشغل الأول في العالم الذي يستخدم هذا الطراز؛ وذلك لخدمة الطيران الداخلي والإقليمي، و(30) طائرة ايرباص (320) الأكثر مبيعاً في العالم، لتعزيز قدرات الخطوط السعودية لخدمة الطيران المحلي.
سابعاً: اتفاق تعاون علمي بين مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والمركز الوطني للبحوث العملية الفرنسي.
ثامناً: مذكرة تفاهم استثمارية بين المملكة والحكومة الفرنسية تتضمن قيام صندوق الاستثمارات العامة والمؤسسات الاستثمارية السعودية بالاستثمار في شركات الملكية الخاصة في فرنسا.
تاسعاً: مذكرة تفاهم للتعاون في مجالات إدارة النفايات المشعة بين مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة والمعهد الفرنسي للحماية من الإشعاعات والسلامة النووية.
عاشراً: مذكرة تفاهم للتعاون بين مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة والوكالة الفرنسية لإدارة النفايات النووية في مجال تطوير تنظيم الاستخدامات السلمية للطاقة النووية في مجال النفايات النووية.
وقد شهد توقيع الاتفاقيات وزير الاقتصاد والتخطيط المهندس عادل بن محمد فقيه، ووزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة، ووزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل بن زيد الطريفي، ووزير الخارجية عادل بن أحمد الجبير، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء خالد بن عبدالرحمن العيسى، ووزير الصحة المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح، ورئيس الاستخبارات العامة خالد بن علي الحميدان.
كما شهدها صَاحب السمو الأمير الدكتور تركي بن سعود بن محمد رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ورئيس مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة الدكتور هاشم بن عبدالله يماني، وأمين عام صندوق الاستثمارات العامة عبدالرحمن المفضي، ومدير عام الخطوط الجوية العربية السعودية المهندس صالح الجاسر، ووكيل وزارة الداخلية للتطوير الأستاذ فهد الزرعة، وعدد من الوزراء في الحكومة الفرنسية ومسؤولي كبرى الشركات والمؤسسات الفرنسية.
وقد واكبت معظم الصحف الفرنسية زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، باهتمام بالغ، وركزت الصحف الفرنسية في حديثها على أهمية استثمار هذه الزيارة والاستفادة منها، على الصعيد الاقتصادي والتجاري بالذات، خاصة أن المملكة تتجه اتجاها جديدا يشمل تغييرات في مفاهيمها ومؤشراتها الاقتصادية المستقبلية وتبني أفكار بعيدة عن الاعتماد الكلي على إيرادات النفط وتتوجه لتنوع مصادر الدخل والنهوض صناعيا وتقنيا والبحث عن مصادر جديدة للطاقة. وهنا أكدت صحيفة «لاتربيون» الفرنسية في تحليل لها في عددها الصادر بمناسبة هذه الزيارة المهمة، على أهمية الجانب الاقتصادي لزيارة الأمير محمد بن سلمان إلى فرنسا حاليا تحت عنوان «الرؤية السعودية 2030 فرصة استثمارية مميزة للشركات». وقالت الصحيفة إنه حتى يتمكن الاقتصاد الفرنسي من أن يتحرك بحرية كاملة ويذهب بعيدا وفق الفرص المتاحة في دول منطقة الخليج، خاصة في السعودية التي تتبنى اتجاها اقتصاديا جديدا يتمثل في انتهاج التنوع الاقتصادي من خلال برنامجي الرؤية والتحول الوطني الطموحين وتطبيق نظام الخصخصة.
وركزت الصحيفة الفرنسية واسعة الانتشار في تحليلها على أن برنامج الخصخصة، وتطوير الطاقة المتجددة والاستثمار في التعدين والصناعة، وإعطاء الأولوية للتقنيات عالية، والتعليم، والصحة، والترفيه أو الفن، يعطي بعدا جديدا للشركات الفرنسية في طرح مشاريع استثمارية ضخمة في هذه المجالات وهي في الأساس لديها خبرة طويلة فيها، ناهيك عن استراتيجية السعوديين الجديدة التي تتمثل في الاستثمار في الخارج، وهذا الوضع من شأنه أن يعزز إلى حد كبير الفائدة وشراكتنا معهم.